الصلاة في البيت لعذر

أعيش في منزل ليس فيه سوى والدي وزوجتي وطفلان صغيران، وفي إحدى المرات أمرني والدي بأن أذهب لأصلي الفجر في المسجد، لكن زوجتي استحلفتني بالله أن لا أخرج من البيت إلا بعد مجيء والدي من المسجد، خوفاً من بقائها وحدها، وعندما عاد والدي وسألني عن سبب عدمي ذهابي إلى المسجد أخبرته، فاستحلفني بالله أن لا أذهب إلى المسجد وأن أصلي في البيت، فأخبرته بأن صلاة المسجد أفضل من صلاة المنزل، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد). ومع هذا أصر عليَّ بأن أصلي في البيت، وإنني إذا خرجت لن يسمح لي بدخوله مرة أخرى، فأطعته امتثالاً لأمره؟ أفتوني في هذا جزاكم الله خيراً. ولاسيما وأن الزوجة تشكو دائماً من بقائها وحدها في المنزل؟

الإجابة

إذا كان على زوجتك خطر وهي غير آمنة ؛ لأن من حولها من يخشى منه فلك عذر أن تصلي في البيت خوفاً على زوجتك ، أما إذا كان المحل آمناً ، ولا شبهة فيما ذكرته الزوجة ، وإنما هو تساهل منها ، فصلي في المسجد وأطع والدك ، بل أطع الله قبل والدك ، فعليك أن تصلي في المسجد مع المسلمين ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلة له إلا من عذر) . وقد سأله رجلٌ أعمى فقال يا رسول الله: (ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم ، قال: فأجب)... وأمر الأعمى ليس له قائد يلائمه أن يصلي في المسجد ولم يعذر فأنت أولى وأولى ، ولا تلزم طاعة الوالد في خلاف الشرع ؛ لأن الرسول يقول عليه الصلاة والسلام: (إنما الطاعة في المعروف). (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) . لكن إذا كانت الزوجة غير آمنة والمحرم غير آمن والخطر موجود فلا بأس هذا عذر شرعي. أما حديث: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) فهذا حديث ضعيف ليس محفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما مشهور عن علي - رضي الله عنه - ، ولكن صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يغني عن ذلك ، وهما الحديثان السابقان: (من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر). وكذلك قصة الأعمى الذي تقدم ذكره ، قال له النبي : (أجب). هذان حديثان صحيحان يغنيان عن حديث: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد). فالمقصود أن الواجب على المسلمين من الرجال أن يصلوا في المساجد ، وأن يكثروا سواد المسلمين ، وأن يخرجوا إلى المسجد ، وأن لا يتشبهوا بالمنافقين ، يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: (لقد رأيتنا ما يتخلف عنها - يعني في البيت - إلا منافق معلوم النفاق). وقد هم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحرق على من تخلف بيته ، فالواجب عليك وعلى كل مسلم قادر أن يصلي في المسجد ، وليس له أن يصلي في بيته إلا من عذر شرعي كالمرض والخوف ، رزق الله الجميع الهداية والتوفيق. جزاكم الله خيراً.