الحكمة في عدم الاسترقاء

السؤال: لماذا خص النبي صلى الله عليه وسلم في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب "ولا يسترقون" دون سائر أنواع الاستطباب؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، الاسترقاء هو طلب الرقية من الغير، وسؤال الغير فيه ميل إلى المخلوق واحتياج إليه وقد دلت النصوص على أن من كمال التوحيد عدم سؤال الناس، وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه رضوان الله عليهم على أمور منها: ألا يسألوا الناس شيئاً حتى كان أحدهم يسقط سوطه فينزل من على دابته فيأخذه ولا يسأل أحداً أن يناوله إياه كما جاء في صحيح مسلم (1043)، وفي ذلك تحقيق استغناء العبد عن المخلوقين، فالاسترقاء تركه أولى.
وأما إذا رقى الإنسان نفسه أو رقاه أخوه متبرعاً دون طلب فإنه لا كراهة في ذلك. إنما المكروه أن يطلب الإنسان الرقية من الغير، كما يدل عليه لفظ الاسترقاء، فإن السين والتاء في الفعل تدل على الطلب كالاسترقاء والاستعانة وما أشبه ذلك، فهؤلاء السبعون ألفاً من كمال توحيدهم وكمال استقامتهم تحقيق مقام التوكل على الله وذلك باجتناب كل ما ينافيه أو ينقصه ومن ذلك أنهم يتركون الأسباب المتضمنة لما ينقص كمال التوكل عليه سبحانه وتعالى ولهذا قال في وصفهم: "لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون" (أخرجه البخاري: 5705، ومسلم: 220)، والله أعلم.