التلفظ بالطلاق ثلاث في مكان واحد

لقد تزوجت وأنا عمري ثلاثة عشرة سنة، وكنت أجهل أمور الزواج وحقوق الزوج، وكثيراً ما كنت أطلب منه الطلاق، تكرر ذلك مني كثيراً حتى اضطر أن يقول في مرة من المرات: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وبعد أربع أشهر، وفي ذلك اليوم الذي كتب فيه ورقة الطلاق، وشهد على طلاقي شاهدان كانت عليها العادة، وتسأل عن حكم الطلاق والحالة هذه؟

الإجابة

أولاً الواجب على المرأة تقوى الله، والمعاشرة الطيبة لزوجها، وعدم إيذائه بطلب الطلاق ولا بغيره من الأذى كالسب والشتم وعدم السمع والطاعة، كل هذا لا يجوز مادام الزوج قائماً بحقها، فالواجب عليها أن تقوم بحقه -أيضاً- الله يقول سبحانه: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، ويقول عز وجل: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ). فعليها المعاشرة بالمعروف، وعليه المعاشرة بالمعروف، بالكلام الطيب، والفعل الجميل، في الفراش وفي البيت وفي جميع الأحوال، تقول له الكلام الطيب، وهو يقول لها كلام طيب، وتؤدي له ما يجب من الطاعة في بيته، وخدمته في إطاعته في الفراش، وفي غير هذا مما أباح الله عز وجل، وهو كذلك يعاملها بالمثل بالكلام الطيب والسيرة الحميدة والإنفاق عليها كما أمر الله، إلى غير هذا من وجوه المعاشرة الطيبة، وليس لها طلب الطلاق مع الاستقامة فهذا لا يجوز، أما إذا كانت الحالة غير ذلك؛ بأن كان أساء العشرة، أو ما كتب الله لها في قلبها المحبة فتبغضه ولا تستطيع القيام بحقه في البغضاء فلا مانع أن تطلب منه الطلاق حتى لا تخل بالواجب، فإن سمح بذلك فالحمد لله، وإلا فعليها الصبر حتى يجعل الله فرجاً ومخرجاً، أما ما وقع من الطلاق في حال الحيض في هذا خلاف بين أهل العلم، جمهور أهل العلم يرون أنه يقع الطلاق على قول الأكثرين من أهل العلم، والقول الثاني: أنه لا يقع في الحيض ولا في النفاس ولا في طهر جامعها فيه الرجل؛ لما ثبت من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في الصحيحين أنه طلق امرأته وهي حائض فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم –فتغيظ فيه وأنكر عليه ذلك وأمره أن يراجعها وأن يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمسها هذا يدل على أن الطلاق في حال الحيض والنفاس منكر، وهكذا في طهر جامعها فيه، وإنما السنة أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، أو طهر أو في حال حملها، ولهذا في اللفظ الآخر: (فليطلقها طاهراً أو حاملاً) فالصواب أنه لا يقع في هذه الحالة، وإن كان قول الأقل والأكثرون على وقوعه، لكن قول الأقل في هذا أصح؛ لهذا الحديث الصحيح، والله المستعان. بارك الله فيكم كأن أختنا تحمل كونها زوجت وعمرها ثلاثة عشر سنة، تحمل هذا الموضوع كل هذه الأخطاء؟ لا، لا حرج، النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وهي بنت سبع سنين، ودخل بها وهي بنت تسع سنين، فالأمر في هذا واسع، لكن على أهلها أن يعلموها إذا أرادوا تزويجها في هذا السن، عليهم أن يعلموها يوجهوها ويشرحوا لها حقوق الزوج، وأن عليها كذا وكذا وكذا حتى تكون على بصيرة، وإلا فلا يعجلوا حتى تأخذ العلم، بنت خمسة عشرة بنت ستة عشرة، بنت سبعة عشر، يعني ينبغي لهم أن يزوجوها في الأوقات المناسبة، التي يرون أنهم أهلٌ لذلك، فإذا أرادوا التقييد إن خطبها الكفء خافوا فوت الكفء الرجل الطيب، فالواجب أن يغتنموا الرجل الطيب ولو كانت بنت ثلاثة عشر، عليهم أن يعلموها ويوجهوها حتى تعرف ماذا تعمل مع الزوج، رزق الله الجميع الهداية. سماحة الشيخ في ختام....