الكبر وعلاجه

السؤال: ما حكم من يتكبر على الآخرين بسبب لونه أو نسبه أو غير ذلك؟

الإجابة

الإجابة: إن هذا النوع من الخلق من خارج ملة الإسلام، فالإسلام بيَّن أن الناس جميعاً لآدم، وأن آدم من تراب، والناس جميعاً نسبهم واحد، أبوهم واحد وأمهم واحدة، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى، الناس سواسية كأسنان المشط"، فإذن ليس بين البشر أية فوارق لا في الدنيا ولا في الآخرة على أساس اللون ولا أساس النسب، بل إنما يتفاوت الناس على أساس العمل.

والتفاوت الدنيوي في الألوان ليس للإنسان فيه دخل، فالإنسان لم يشاور قبل خلقته هل يكون أبيض أو أسود، فهذا من إرادة الله وليس لأحد تدخل فيه، فلذلك ليس به فضل، فالإنسان إنما يزداد فضله بعمله هو وما اختار لنفسه، أما ما اختاره الله فهو أمر خارج عن إرادته وطوقه يختار الله ما يشاء: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء]، وتكبر الإنسان على الآخرين بسبب لونه أو نسبه أو نحو ذلك هو من عمل الشيطان، فالشيطان هو الذي تكبر على آدم بسبب أصل خلقته، فقال: {خلقتني من نار وخلقته من طين}، فلذلك من يفعل هذا يتشبه بالشيطان.

وعلاج هذا أن يتذكر الإنسان الموت، وأن يتذكر أن قبور الناس ليس فيها فرق بين من لونه أبيض ومن لونه أسود، القبور متساوية، ما نراه نحن من ظاهرها متساوٍ، وما في باطنها الله أعلم به، فالقبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار، ولما عيَّر أبو ذر بلالاً بأمه فقال له: "يا ابن السوداء"، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية"، فجعل هذا من أوصاف الجاهلية، وقد جاء أبو ذر إلى بلال فأقسم عليه أن يضع رجله على صفحة عنقه ليكون هذا علاجاً لما رآه أبو ذر في نفسه في ذلك الوقت، فاضطجع أبو ذر على الأرض وأقسم على بلال أن يضع رجله على صفحة عنقه، ليعالج مرض نفسه حين قال له هذه الكلمة الواحدة قال له: "يا ابن السوداء" فلذلك لا بد من علاج هذا النوع من الأمراض، وأن نعلم أنه من عمل الشيطان، وأن المسلمين جميعاً يد واحدة على من سواهم، وأن الله تعالى أذهب عنهم عبية الجاهلية وتفاخرها بالآباء، وأن الله جعل هذه الأمة أمة واحدة فأرسل إليها رسولاً واحداً وأنزل إليها كتاباً واحداً، وجعل لها قبلة واحدة، وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم الاستواء في الصفوف والتقارب فيها، وذلك مما يؤدي إلى اجتماع القلوب، وقد قال: "عباد الله لتسون بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم"، وقال: "مالي أرى الشياطين خلال صفوفكم كأنهم غنم عفر"، فهذا تحذير من النبي صلى الله عليه وسلم من هذا النوع من الأمراض الشيطانية.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.