هل يجوز الأكل من الذبيحة المنذور ذبحها عند القبر؟ وحكم الوفاء بهذا النذر ؟

عندنا في القرية إذا حصل للإنسان مكروه يقول: إذا أزال الله عني هذا المكروه سوف أذبح ذبيحة على قبر الشيخ فلان!! هل يصح الأكل من هذه الذبيحة، وهل يصح الوفاء بهذا النذر إذا زال المكروه؟

الإجابة

النذر فيه تفصيل، فإذا كان النذر طاعة لله، كأن يقول لله علي إن شفى الله مريضي فلان أن أصلي كذا، وكذا، أو أصوم أيام كذا، وكذا، أو شهراً، أو ما أشبه ذلك، أو أتصدق بكذا، هذا له طاعة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من نذر أن يطيع الله فليطعه)، فإذا قال: إن شفى الله مريضي، أو رد غائبي، أو شفيت من كذا صمت لله خمسة أيام، أو عشرة أيام، تصدقت بألف درهم، صليت كذا وكذا، كل هذا نذر طاعة، متى حصل المطلوب وجب عليه الوفاء. أما إذا كان النذر معصية لله فإنه لا يوفي به، لقوله-صلى الله عليه وسلم-: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصيه)، فلو قال لله علي إن شفى الله مريضي أن أذبح للشيخ فلان ذبيحة، للبدوي، أو للحسين، أو للشيخ عبد القادر، أو لغيرهم هذا شركٌ أكبر هذا ما يجوز، هذا لا يحل الوفاء به، وعليه التوبة إلى الله من ذلك؛ لأن هذا شركٌ أكبر، الذبح للأموات، والتقرب إليهم بالذبائح، أو النذور هذا شركٌ أكبر، العبادة حق الله وحده، يقول -سبحانه-: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) (23) سورة الإسراء. ويقول -سبحانه-: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي..) . يعني قل يا محمد للناس (إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي) يعني ذبحي (وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (162-163) سورة الأنعام. ويقول سبحانه للنبي-صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (1-2) سورة الكوثر ) . ويقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله من ذبح لغير الله)، فلا يجوز الذبح للجن، ولا للمشايخ أصحاب القبور، ولا لغيرهم من أصنام، أو أشجار، أو أحجار، أو ملائكة، أو أنبياء، لا، هذا يكون لله وحده، التقرب يكون لله بالذبح الضحايا، والهدايا لله وحده -سبحانه وتعالى-، فيقول لله علي إن شفى الله مريضي أن أذبح كذا وكذا لله وحده، ناقة، أو بقرة، أو ذبيحة من الغنم لله وحده هذا قربة طاعة عليه أن يوفي بذلك. أما أن يذبح للشيخ فلان يتقرب إليه حتى يشفع له، أو يشفي مريضه هذا شرك أكبر، وهكذا لو قال يا شيخ فلان اشف مريضي، أو انصرني، أو يا رسول الله اشفني، أو انصرني، أو يا شيخ عبد القادر انصرني، أو يا شيخ أحمد البدوي، أو يا سيدي الحسين، أو يا شيخ فلان انصرني، أو اشفي مريضي، أو رد غائبي كل هذا من الشرك الأكبر، يعني لا يجوز دعاء الأموات ولا الاستغاثة بالأموات ولا النذر لهم، ولا سؤال الجن، ولا النذر لهم، ولا التقرب إلى الأصنام من الحجارة، أو غيرها، كل هذا منكرٌ عظيم، وشرك أكبر، الله يقول سبحانه: (فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (18) سورة الجن. ويقول سبحانه: (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ) (106) سورة يونس. يعني المشركين، وقال -عز وجل-: (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) (2-3)الزمر.ويقول سبحانه: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) (5) سورة البينة. فالواجب إخلاص العبادة لله وحده، ومن ذلك الدعاء، والخوف، والرجاء، والذبح، والنذر كله عبادة يجب أن تكون لله وحده، ولا يصرف منها شيء لا للأصنام، ولا للشيوخ، ولا للأنبياء، ولا للجن، ولا للأشجار، ولا للملائكة، ولا غيرهم، العبادة حق الله وحده -سبحانه وتعالى-، وهكذا لو قال لله علي إن شفى الله مريضي، أو رد غائبي أن أشرب الخمر، أو أزني هذه معصية لله لا يوفي بها، هذا منكرٌ عظيم يتقرب إلى الله بالمعاصي هذا منكر عظيم، لا يجوز له أن يوفي بذلك، وعليه كفارة يمين عن هذا النذر الباطل، عن هذا النذر بالمعصية. والخلاصة أن النذر أقسام، فما كان لله وحده إذا كان طاعة لله وجب الوفاء به، وما كان معصية، أو شركاً لا يوفى به، فالمعصية يجب التوبة منها، والشرك يجب التوبة منه، تجب التوبة منه، أما إذا كان لا، ليس شركاً، ولا معصية، ولا طاعة يقول لله علي أن أزور فلان، أو آكل طعام فلان، هذا مخير إن شاء زاره وإن شاء كفَّر عن نذره، ولم يزره، ولم يأكل طعامه، مخير، لأن هذا مباح، أو لله علي أن أعزم فلان، وأصنع له طعام، هو مخير إن شاء عزمه، ودعاه، وإن شاء تركه، لكن إذا لم يعزمه، ولم يوفي بنذره، فعليه كفارة يمين. وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام، هذه كفارة يمين كما نص على ذلك ربنا -عز وجل- في سورة المائدة. جزاكم الله خيراً