والده شبه فاقد للذاكرة فهل عليه صلاة ؟

السؤال: والدي أصبح كبيراً في السن عمره - 105 سنوات - وهو شبه فاقد للذاكرة، ولكن أحيانا يعرفنا وأحياننا لا يعرفنا، وهو في السنوات الأخيرة لا يتحكم في البول، ونقوم بتغيير ملابسه في اليوم أكثر من مرة، فهل عليه صلاة مع عدم الطهارة ؟ وهل نجعله يصوم ؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله
يختلف حكم والدك تبعاً لحضور عقله وإدراكه، فإن فقد عقله وذاكرته: فلا يؤمر بطهارة ولا بصلاة ولا بصيام، وإن حضر عقله وذاكرته: فيؤمر بالتكاليف الشرعية بحسب الاستطاعة دون أن يشق على نفسه.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -: فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون هل يجب عليهم الصيام ؟
فأجاب: إن الله سبحانه وتعالى أوجب على المرء العبادات إذا كان أهلاً للوجوب، بأن يكون ذا عقل يدرك به الأشياء، وأما من لا عقل له فإنه لا تلزمه العبادات، وبهذا لا تلزم المجنون، ولا تلزم الصغير الذي لا يميز، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى، ومثله المعتوه الذي أصيب بعقله على وجه لم يبلغ حد الجنون، ومثله أيضاً الكبير الذي بلغ فقدان الذاكرة، كما قال هذا السائل، فإنه لا يجب عليه صوم ولا صلاة ولا طهارة ؛ لأن فاقد الذاكرة هو بمنزلة الصبي الذي لم يميز، فتسقط عنه التكاليف فلا يلزم بطهارة، ولا يلزم بصلاة، ولا يلزم أيضاً بصيام، وأما الواجبات المالية فإنها تجب في ماله وإن كان في هذه الحال، فالزكاة - مثلاً - يجب على من يتولى أمره أن يخرجها من مال هذا الرجل الذي بلغ هذا الحد ؛ لأن وجوب الزكاة يتعلق بالمال، كما قال الله تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَواتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }، ولم يقل: " خذ منهم "، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ - رضي الله عنه - حينما بعثه إلى اليمن: "أعْلِمهم أن الله فرض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " ، فقال "صدقة في أموالهم " فبيَّن أنها من المال، وإن كانت تؤخذ من صاحب المال.
وعلى كل حال: الواجبات المالية لا تسقط عن شخص هذه حاله، أما العبادات البدنية كالصلاة، والطهارة، والصوم: فإنها تسقط عن مثل هذا الرجل ؛ لأنه لا يعقل. " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19/السؤال رقم 40 ).
وسئل الشيخ - رحمه الله تعالى -: ما حكم صيام من يعقل زمناً ويجن زمناً آخر ؟ أو يهذري يوماً ويصحو يوماً آخر ؟
فأجاب: الحكم يدور مع علته، ففي الأوقات التي يكون فيها صاحياً عاقلاً: يجب عليه الصوم، وفي الأوقات التي يكون فيها مجنوناً مهذرياً: لا صوم عليه، فلو فرض أنه يجن يوماً ويفيق يوماً، أو يهذري يوماً ويصحو يوماً: ففي اليوم الذي يصحو فيه: يلزمه الصوم، وفي اليوم الذي لا يصحو فيه: لا يلزمه الصوم. " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19/السؤال رقم 43 ).
والله أعلم .