شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-

حدثونا عن شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ أني سمعت عن هذا بعض الشيء، وأريد أن أستدرك كثيراً مما فاتني حول هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

النبي -صلى الله عليه وسلم- له شفاعات، منها شيء يختص به، ومنها شيء يشترك معه الناس فيه، فأما الشفاعة التي تختص به فهي الشفاعة العظمى في أهل الموقف يشفع لهم، يسجد بين يدي الله ربه ويحمده بمحامد عظيمة، ثم يأذن الله له في الشفاعة، فيشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، وهذه من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وهذه هي المقام المحمود الذي ذكره الله في قوله جل وعلا في سورة بني إسرائيل عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79) سورة الإسراء، وهذا المقام هو مقام الشفاعة، يحمده فيه الأولون والآخرون عليه الصلاة والسلام، فإنه يتوجه إليه الخلائق يوم القيامة، المؤمنون يتوجهون بعدما يتوجهون إلى آدم ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى وكلهم يعتذرون يأتون آدم يعتذر، ونوح يعتذر، وإبراهيم، وموسى، وعيسى كلهم يعتذرون، ثم يقول لهم عيسى اذهبوا إلى عبد قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يعني محمد عليه الصلاة والسلام، فيتوجهون إليه، فإذا طلبوا منه تقدم عليه الصلاة والسلام، إلى ربه وسجد بين يدي العرش، وحمده سبحانه بمحامد عظيمة يفتحها الله عليه، ثم يقال له: (يا محمد ارفع رأسك، وقل تسمع، واسأل تعط، واشفع تشفع)، فيشفع عند ذلك بعد إذن الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يقول جل وعلا: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ (255) سورة البقرة. فلا أحد يشفع عنده إلا بإذنه سبحانه وتعالى، وهناك شفاعة أخرى خاصة به عليه الصلاة والسلام، وهي الشفاعة في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، فإنهم لا يدخلون ولا تفتح لهم إلا بشفاعته عليه الصلاة والسلام، فهذه خاصة به أيضاً عليه الصلاة والسلام، وهناك شفاعة ثالثة خاصة به وبأبي طالب عمه، وهو أنه شفع له حتى صار في ضحضاح من نار، وهو مات على الكفر بالله وصار في رمضات من نار، فشفع له -صلى الله عليه وسلم- أن يكون في ضحضاح من النار؛ بسبب نصره إياه؛ لأنه نصره وحماه لما تعدى عليه قومه، فشفع له -صلى الله عليه وسلم- أن يكون في ضحضاح من النار، وهذه شفاعة خاصة في أبي طالب، مستثناة من قوله جل وعلا: فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) سورة المدثر، إلا في هذا الخصلة، مع أبي طالب خاصة، وأبو طالب مخلد في النار مع الكفرة، لكنه يوضع في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه نسأل الله العافية، وأهون الناس عذاباً أبو طالب، وأشباهه قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أهون الناس عذاباً يوم القيامة من له نعلان من نار يغلي منهما دماغه)، نسأل الله العافية، وفي رواية: (من يوضع على قدميه جمرتان من نار يغلي منهما دماغه)، فهو يرى أنه أشد الناس عذاباً وهو أهونهم عذاباً، وأبو طالب من هذا الصنف نسأل الله العافية.