أنت على كل حال مشكور على هذا العمل الطيب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))[2]، وأنت مشكور على عملك، وأنت على أجر عظيم، وعليك أن تخلص لله في عملك، فما دمت تقصد بهذا وجه ربك تريد الأجر منه سبحانه فلا يضرك قولهم، وإنما الوعيد لمن قرأ ليقال قارئ، وتعلم ليقال عالم.
أما من علم الناس يريد وجه الله ويريد الأجر منه سبحانه وتعالى، فإنه لا يضره كلام الناس ولو مدحوه، ولو قالوا: إنه جيد وإنه طيب وإنه مخلص، فهذا عاجل بشرى المؤمن، ولكن ينكر عليهم المدح في وجهه ويقول لهم: دعوا هذا حتى لا يسرفوا في المدح، ويأمرهم بترك المدح ، ويوصيهم بذلك وينصحهم؛ لأن هذا قد يضره، وقد يفضي إلى إعجابه بنفسه، وقد يفضي إلى تكبره، وقد يفضي إلى شر كبير، فعليه أن ينصحهم ويقول لهم: يا إخواني دعوا هذا وادعوا لي جزاكم الله خيراً، ذلك المدح قد يضرني.
ينصحهم ويكفي، فأنت إذا نصحتهم ووجهتهم إلى الدعاء لك بدلاً من المدح والثناء والإفراط في هذا الشيء، فتكون بهذا قد فعلت ما ينبغي، ولا يضرك بعد ذلك ما يفعلون من مدح، وأنت تعلم من نفسك أنك تفعل هذا لوجه الله سبحانه وتعالى.
[1] رواه مسلم: كتاب: الإمارة، باب: من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، رقم (1905).
[2] رواه البخاري: كتاب: فضائل القرآن، باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه، رقم (5027).فتاوى نور على الدرب المجلد الأول