الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله:
المعاملة المذكورة تسمى في سوق الأوراق المالية ب: "الشراء بالهامش"،
وصورتها أن يدفع العميل جزءاً من قيمة الأسهم المراد شراؤها، ويدفع
السمسار (شركة السمسرة) الجزء المتبقي منها، ويبقى المستثمر مديناً
للسمسار بذلك الجزء المتبقي حتى يتم بيع تلك الأسهم في السوق، ومن ثم
يستوفي السمسار دينه من قيمة البيع.
والمبلغ الذي يقدمه السمسار هو في الحقيقة قرض للمستثمر وليس مشاركة،
لما يلي:
1 - لأن الأسهم المشتراة ستسجل باسم المستثمر وحده.
2 - ولأن المستثمر مطالب بسداد قيمة الأسهم للسمسار سواء بيعت تلك
الأسهم بأقل من القيمة التي اشتريت بها أو بأكثر.
وإذا كان هذا المبلغ قرضاً فإنه لا يجوز للسمسار أن ينتفع منه، وفي
الصورة المذكورة في السؤال تطلب شركة السمسرة زيادة بمقدار اثنين في
الألف مقابل هذه الخدمة، وهذا لا يجوز، لأن كل قرضٍ جر نفعاً للمقرض
فهو ربا، ولا يمكن أن تخرج هذه الزيادة على أنها أتعاب الوساطة، لأن
أتعاب الوساطة محددة بخمسة بالألف.
ولا يشكل على هذا التخريج كون نسبة الزيادة متدنية جداً وهي لا تتناسب
مع سعر الفائدة في السوق، لأن الشراء بالهامش مدته قصيرة جداً لا
تتجاوز في العادة شهراً، حيث إن المستثمرين يقدمون على مثل هذا النوع
من المعاملات إذا كان يتُوقع ارتفاع سعر سهمٍ معين فبدلاً من أن يشتري
مائة سهم بما لديه من المال، فإنه يشتري مائتي سهم وذلك باقتراض قيمة
المائة سهم الثانية من السمسار.
* وتجوز هذه المعاملة في حالة واحدة، وهي ما إذا كان السمسار يمتلك
الأسهم محل الصفقة، سواء كان يمتلكها أصلاً قبل طلب العميل لها، أو
أنه امتلكها بعد طلب العميل ثم أعاد بيعها لصالح العميل بالأجل، كما
هو حاصل في بيوع المرابحة المصرفية في البنوك الإسلامية، ويشترط في
هذه الحال عدة شروط:
- الأول: أن يكون امتلاك السمسار للأسهم امتلاكاً حقيقياً لا صورياً،
وذلك بأن تسجل شهادات الأسهم باسمه، قبل أن ينقل ملكيتها
للمستثمر.
- والثاني: ألا تكون الأسهم محل الصفقة أسهم شركات مالية كالبنوك (ولو
كانت إسلامية) وشركات التقسيط، لأن أسهم هذه الشركات لها حكم النقد،
والنقد لا يجوز شراؤه بالتقسيط أو بالأجل، لأن ذلك من ربا
النسيئة.
- والثالث: ألا يشترط على المستثمر دفع غرامة عند التأخر عن سداد ما
عليه من الديون.
جواب السؤال الثاني:
يجوز العمل في بنك إسلامي ولو كان يتعامل ببعض المعاملات المحرمة،
بشرط ألا يباشر المسلم ذلك العمل المحرم، أو يكون ممن يعين عليه، فقد
نص الفقهاء في عقد الإجارة على أنه يجوز للمسلم أن يكون أجيراً عند من
اختلط ماله الحلال بالحرام إذا لم يكن في عمله عوناً على المعصية، وقد
جاء في سنن ابن ماجه أن علياً رضي الله عنه أنه أجر نفسه من يهودي كل
دلو بتمرة.
ولا بأس كذلك بالعمل في الفروع الإسلامية للبنوك الربوية، للتعليل
السابق، ولأن الأصل في المعاملات الحل، وليس ثمت ما يمنع من ذلك،
والله قد نهى عن التعاون على الإثم والعدوان، وهذا ليس منه، بل قد
يكون في ذلك مصلحة بتشجيع تلك البنوك على التوسع في أعمالها المصرفية
الموافقة للشريعة، والتيسير على الناس بسهولة الحصول على التمويل
المباح، وفي هذا من الفوائد ما لا يخفى , والله أعلم.
المصدر: موقع الشيخ حفظه الله
تعالى.