هل الحاسد رجل منافق

أرجو أن تتكرموا بإشعار سماحة الشيخ عبد العزيز بأننا نحبه في الله، ثم بدأ يسرد عدداً من الأسئلة، في سؤال له يقول: قرأت في زاد المعاد (باب الطب) دعاءً لدفع العين نصه: (بسم الله حبس حابس وحجر يابس وشهاب قابس، رددت عين الحاسد عليه وإلى أحب الناس إليه، فارجع البصر هل ترى من فطور، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير)، انتهى. فما معنى هذا الدعاء؟ وهل الحاسد رجل منافق أو رجل سوء، وما نصيحتكم لهذا النوع من الناس، وما رأيكم أيضاً فيما أورده صاحب الزاد؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فأولاً أقول: أحبك الله الذي أحببتنا له، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: يقول الله جل وعلا: (وجبت محبَّتي للمتحابين فيَّ والمتزاورين فيَّ والمتباذلين فيَّ والمتجالسين فيَّ) خرَّجه الإمام مالك رحمه الله في الموطأ بإسناد صحيح. وخرَّج مسلم في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (يقول الله جل وعلا يوم القيامة: "أين المتحابون بجلالي! اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي") وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)، فهذه الأحاديث العظيمة تدل على فضل التحاب في الله وأن ذلك من أسباب ظل الله لهم يوم القيامة في ظله ومحبته لهم سبحانه، فينبغي لكل مؤمن أن يحب في الله ويبغض في الله، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار). أما هذا الدعاء الذي ذكرته عن (زاد المعاد) فلا أعلم له أصلاً، ولا أرى أنه يعتمد عليه، لأن الأصل في الدعوات والتعوذات لا بد فيها أن تكون ثابتة الإسناد عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وإلا فلا يكون لها ميزة خاصة، فهذا الذي ذكره ابن القيم إن ثبت عن الصحابة أو الأخيار فعله وتجربته وأنه نافع فلا بأس، لكن فيه إشكال من جهة طلب رد العين إلى أحب الناس إليه! هذا فيما يظهر ظلم، لماذا يدعى على أحب الناس إليه؟ لم لا يدعى عليه فقط الحاسد المؤذي الظالم؟ فهذا مما يبين نكارة هذا الدعاء وهذا الكلام وأنه ليس صادراً من جهة يعتمد عليها، فالذي أراه والله أعلم أن لا يعتمد على هذا وأن لا يستعمل، وأن يستعمل ما شرعه الله من آية الكرسي، قراءة آية الكرسي، قراءة الفاتحة (قل يا أيها الكافرون) (قل هو الله أحد) سورة المعوذتين، وغيرها من الدعوات الشرعية المعروفة، مثل: "اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً) رواه مسلم في الصحيح، ومثل: (باسم الله أرقيك من كل شر يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك) وما أشبه هذه الدعوات الطيبة التي ليس فيها ظلم لأحد، ومعناها ظاهر، والله سبحانه وتعالى أعلم.