هل على الحلي المعد للزينة زكاة؟

إنني سمعت في البرنامج أنه ليس هنالك زكاة على الحلي المعد للزينة، وقال المفتي في تلكم الحلقة: إن هذا معمول به في المملكة، وهنالك كتاب يتحدث عن زكاة الحلي مستدلاً بأحاديث وآثار صحيحة وأقوال علماء من الحاضرين، وسؤالي مرة أخرى: هل للحلي المعد للزينة زكاة، وما رأيكم في الكتاب الذي يتحدث عن زكاة الحلي؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

الاختلاف لا بد منه في بعض المسائل الفرعية ولا تمكن السلامة من ذلك، فقد كان موجوداً في عهد الصحابة -رضي الله عنهم- ومن بعدهم؛ بسبب اختلاف الفهم وبسبب خفاء الأدلة على بعض أهل العلم، فلهذا يقع بعض الخلاف، فإن بعض أهل العلم قد يبلغه الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد لا يبلغ الآخر، وكذلك قد يفهم من الآية أو من الحديث فهماً لا يفهمه الآخر في بعض المسائل، فلهذا تقع الخلافات بين أهل العلم في بعض المسائل الفرعية، أما العقائد والأمور الأصولية فالحمد لله ليس فيها خلاف بين أهل العلم، وإنما تقع خلافات في مسائل فرعية قد يخفى فيها الدليل على بعض أهل العلم، وقد يختلف فيها الفهم. فعلى طالب العلم وعلى السائل وعلى المستفيد أن يتحرى ويجتهد في الاستيضاح من أهل العلم حتى يطمئن قلبه إلى ما وقع فيه الخلاف وحتى يعرف الصواب، ومن ذلك مسألة الخضاب بالسواد كما تقدم في السؤال السابق، ومن ذلك مسألة الحلي هل فيها زكاة أم لا؟ فإن جماعة من أهل العلم قالوا: ليس فيها زكاة لأنها تستعمل فأشبهت الإبل التي تستعمل والبقر التي تستعمل وليست سائمة فلا زكاة فيها، وقال آخرون: بل فيها الزكاة لأنها داخلة في عموم الذهب والفضة اللذين أوجب الله فيهما الزكاة؛ ولأنه ليس هناك دليل يخص الحلي باستثنائها من وجوب الزكاة، ولأنه قد ورد في أحاديث تدل على أن الحلي فيها الزكاة، مثل ما روى أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي يد ابنتها سواران ضخمان من الذهب، وفي رواية: مسكتان غليظتان من الذهب فقال: (أتعطين زكاة هذا؟) قالت: لا، قال عليه الصلاة والسلام: (أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟) فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله. وثبت من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هذا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (ما بلغ يزكى فزكي فليس بكنز)، ولم يقل: ليس عليك فيه زكاة، ولم يقل: ليس في الحلي زكاة، فدل ذلك على أن الواجب أداء الزكاة إذا بلغت النصاب، وقد كتبنا في هذا رسالة أوضحنا فيها الأدلة، وكتب بعض أهل العلم في ذلك أيضاً، فالمقصود أن الصواب هو القول بأن الزكاة واجبة في الحلي من الذهب والفضة إذا بلغت النصاب وهو عشرون مثقالاً ومقداره أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه من الجنيه السعودي، إحدى عشر جنيه وثلاثة أسباع، يعني نصف، إحدى عشر ونصف؛ لأن الكسر يسير بين الثلاثة الأسباع والنصف، فالمقصود أنه إذا بلغ إحدى عشر جنيه ونصفاً فإن الحلي فيها الزكاة، وهو يقارب اثنين وتسعين غرام، فإذا كان الحلي أقل من ذلك فلا زكاة فيها والحمد لله، والمؤمن يذهب إلى ما هو أحوط لدينه وأقرب إلى سلامته في كل شيء، إلا إذا وضح الدليل في أن هذا الشيء ليس فيه شيء فالحمد لله، وما دام أن هناك شبهة وهناك خلافاً ولم يتضح للمؤمن ما يبرئ ذمته فإنه يحتاط ويأخذ بالفتوى التي فيها السلامة والحيطة والخلوص من الواجب. والله ولي التوفيق.