حكم الرجل الذي لا يجد مسلمين يصلي معهم لا جمعة ولا جماعة، وحكم الصلاة خلف المذياع

إنني وحيد في جزيرة قبرص، ولم أجد مسلمين أصلي معهم، ولا يوجد أي مسجد، إلا أنني أسمع الأذان عن طريق إحدى الدول العربية بالراديو، وأصلي الجمعة خلف المذياع بإحدى الدول العربية، فهل صلاتي هذه تُعتبر صلاة جماعة، وماذا أفعل إذاً، وأنا أتأخر في بعض أوقات الصلاة؛ لأنه لابد لي من الاغتسال خوفاً أن يكون عملي الذي سبق وأن ذكرته لكم وهو: في مصنع للحوم الخنازير، أخشى أن يكون في عملي هذا شيء من النجاسة فأغتسل قبل الصلاة، أرجو توجيهي حيال ما سألت؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا شك أن صلاة الجمعة واجبة على المسلمين، ولكن ليس لك أن تصلي على المذياع، بل الواجب عليك أن تلتمس من المسلمين من يقيم الصلاة صلاة الجمعة، وعليك أن تجتهد في ذلك، فإذا تيسر لك جماعة من المسلمين في أي مسجد من المساجد صلي معهم الجمعة ولو اثنين وتكون أنت الثالث، لأن الصحيح أن الجمعة تنعقد من ثلاثة، إذا كانوا ستوطنين مقيمين في بلد ليسوا مسافرين، بل مقيمون مستوطنون فإنكم تصلوا جميعاً جمعة، وإذا كانوا أكثر من ثلاثة فأحسن وأحسن، فينبغي لك وأمثالك من الإخوان الطيبين أن يسعوا في هذا الأمر، ويجتهدوا في إقامة صلاة الجمعة وصلاة الجماعة في المساجد الموجودة، وأن تحرصوا على فتحها، لأنه بلغني أن هناك مساجد كثيرة مغلقة، فينبغي لك أنت وإخوانك أن تسعوا حثيثاً في فتح ما يتسر منها، وأن تقيموا صلاة الجمعة فيما تيسر منها. ولا تصلي خلف المذياع، لكن إذا لم يتيسر لك أحد صلي ظهراً، صلي أربعاً ظهراً بعد زوال الشمس بعد دخول الوقت، ولا تصل جمعة إلا إذا كان معك اثنان أو أكثر من الناس المستوطنين في البلد، هكذا بين أهل العلم ونسأل الله أن يجعلك مباركا، وأن يعينك على أسباب الخير، وأن يجعلك مفتاحاً للخير. أما الغسل فهو سنة يوم الجمعة، سنة مؤكدة يوم الجمعة، لمن يصلي الجمعة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه، وقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من جاء منكم الجمعة فليغتسل)، وقال أيضا -عليه الصلاة والسلام-: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستاك ويتطيب)، قال جمهور أهل العلم: معنى واجب يعني متأكد، فيسن لك الغسل للجمعة إذا كنت تصلي الجمعة، أما صلاة الأوقات فلا يشرع لها الغسل، فإذا كنت تعلم أن في ثوبك نجاسة أو في بدنك نجاسة، من لحم الخنزير أو دم الخنزير أو من بول أو غير ذلك فاغسله، فاغسل المحل فقط وليس عليك الغسل، عليك أن تغسل ما أصابه الدم أو النجاسة من الخنزير، في يدك أو رجلك أو ثوبك، أما الغسل فلا يلزمك، لكن يستحب لك الغسل للجمعة، ويجب عليك الغسل للجنابة إذا جامعت زوجتك أو أنزلت المني بشهوة تغتسل للجنابة، نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يمنحنا وإياك الفقه في الدين، والثبات عليه، ونوصيك مرةً أخرى بالحرص على جمع إخوانك والتعاون معهم، وأن تصلوا جميعاً الجمعة والجماعة، وأن تجتهدوا في فتح المساجد تشجيع من حولها من المسلمين يصلوا فيها الجمعة والجماعة، كل مسجد حوله جماعة صلوا فيه الجماعة، وإذا كانت الجمعة بعيدة عنهم صلوا جمعة أيضاً، وإذا كانوا متقاربين اجتمعوا في واحد من المساجد وصلوا جمعة، ولا يتفرقون بل يصلون جميعاً في مسجد واحد، إلا إذا تباعدت المساجد والمحلات، تباعداً كبيراً فكل حيٍ يصلي في حيهم جمعة إذا صار بعيداً عن الحي الآخر، بما يشق معه من الذهاب إلى الحي الآخر، والله المستعان. جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ بما توصونه تجاه عمله في هذا المصنع مصنع للحوم الخنزير؟ تقدم أن أوصيناه بأنه يجب عليه تركه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا[الطلاق: 2] ليس له أن يعمل في مصنع الخنزير، وليس لأحد أن يساعد صناع ما حرم الله من صنعة الخمر أو بيع لحم الخنزير، أو غير هذا مما حرم الله، ليس للمسلم أن يشاركهم في ذلك، ولا أن يعينهم في ذلك، لأن الله يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[المائدة: 2]، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها) لماذا؟ لأنهم ساعدوا على الباطل، لأنه عاون على الشر، فلهذا لعنوا، فالواجب على كل مسلم وكل مسلمة الحذر من الإعانة على ما حرم الله، عملاً بقوله -سبحانه-: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[المائدة: 2]، فالذي يعين على بيع الخمر أو بيع الخنزير أو أكل لحم الخنزير أو شرب المسكر، أو يعين على أكل الربا أو يكتب بالربا، أو يشهد على الربا، كله داخل في اللعن نسأل الله العافية. جزاكم الله خيراً