القضايا الفقهية التي تطرح على الساحة

السؤال: كثير من القضايا الفقهية التي تطرح على الساحة والتي تمس واقع الناس يختلف حولها الكثير، وبالتالي تختلف الفتوى ووجهات النظر، فما تعليقكم على هذا‏؟‏

الإجابة

الإجابة: الاختلاف في آراء المفتين والعلماء أمر لابد منه؛ لأن الناس ليسوا على مستوى واحد في العلم والمدارك، وكذلك الأدلة تختلف؛ فالاختلاف في استيعابها واقع، واختلاف في الحكم عليها بالصحة أو بعدم الصحة واقع أيضًا والاختلاف في فهمها واقع‏.‏
فهذا الاختلاف ليس بغريب ولا مذموم، إنما المحرم والذي لا يجوز إذا كان الاختلاف دافعه الهوى والشهوة النفسية؛ لأن الإنسان كثيرًا ما يأخذ ما وافق هواه ورغبته، وهذا هو الاختلاف المذموم‏.‏
وفي هذا الصدد يقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ‏}‏ ‏[‏سورة الفرقان‏:‏ آية 43‏]‏، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ "‏لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به‏" ‏[‏رواه الخطيب التبريزي في ‏"‏مشكاة المصابيح‏"‏ من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه‏]‏، أما إذا كان الاختلاف نتيجة لاختلاف المفاهيم والمدارك فهذا شيء لا يذم ولا يعاب ما دام الدافع إليه هو الوصول إلى الحقيقة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ "‏إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر واحد" ‏[‏رواه البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه‏]‏ لماذا‏؟‏ لأنه يقصد الحق فكونه لم يصل إليه ليس بتقصير منه في طلبه، بل لأنه لم يوفق في ذلك، فهذا العالم بذل السبب، والتوفيق من الله سبحانه وتعالى‏.‏
أما قضية التشديد والتسهيل فلا ينظر إليها وإنما ينظر إلى المستوى العلمي للشخص، فإن كان عنده ما يؤهله من العلم وحكم بموجب ما توصل إليه علمه فإنه لا يلام في ذلك، أما إذا كان دون ذلك، وليس عنده ما يؤهله لبلوغه المرحلة التي يحكم فيها على الأمور، ويجيب فيها على الفتاوى فهذا لا نَصِفُهُ بأنه ميسر، بل نصفه بأنه مقصر، لأن المدار ليس على السهولة أو على الشدة، إنما المدار هنا على ما يقوم عليه الدليل من أقوال العلماء‏.