حكم الكذب من أجل الإصلاح

اضطر للكذب كيما أصلح بين أهلي وزوجي، ما هو توجيهكم؟

الإجابة

الكذب في الإصلاح لا بأس به؛ بل صاحب الإصلاح مأجور وإن كذب؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيراً وينمي خيراً) سماه غير كذاب، فالذي يصلح بين الناس بين رجلين مختصمين أو بين قبيلتين، أو بين الأسرة فيكذب كذباً لا يضر أحداً، وإنما ينفع الأسرة ويسبب الصلح بينهم لا حرج في ذلك، إذا كذبتِ على أهلك وقلت إن زوجك يدعو لهم وأنه يثني عليهم وأنه يحب لهم الخير، وكذبت عليه قلت له أن أبي يدعو لك وأنه يثني عليك ويحبك وأمي كذلك وأخواتي وإخواني حتى تصلحي بينهم على وجهٍ ليس فيه شر فلا بأس، أنتِ مأجورة في هذا، أما إذا كان الصلح يتضمن شيء محرم، لا، إذا كان الصلح بينهم حتى يسامحوه في ترك الصلاة أو في ترك المسكر أو ما أشبه هذا لا يجوز، ليس لك التوسط في هذا، بل عليهم أن ينكروا عليه ترك الصلاة ينكروا عليه شرب المسكر ينكرون عليه التدخين ينكرون عليه حلق اللحية ينكرون إسبال الثياب هذا مأجورون وأنتِ معهم، ساعديه إذا كان زوجك يقصر في هذه الأمور تنصحيه، ولا تسكتي، وليس هذا محل الصلح، بل هذا محل الإنكار، فهو ينكر عليه وأنتِ معهم لكن بالأسلوب الحسن والكلام الطيب، لتبينون له أن الإسبال محرم وأن الواجب على الرجل أن تكون ثيابه إلى الكعب لا تنزل عن الكعب، هكذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عليه الصلاة والسلام: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار) رواه البخاري في الصحيح، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (إياك والإسبال فإنه من المخيلة) ويقول عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) فجعله مع هؤلاء، فدل ذلك على قبح الإسبال، وهو من أسباب التكبر والخيلاء والتعاظم؛ ولهذا في الحديث الصحيح يقول -صلى الله عليه وسلم-: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) لكن ليس بشرط لو قال: إنه ليس بخيلاء، ما يطاع، يؤمر برفع ثيابه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر لما قال: يا رسول الله إن إزاري يتفلت علي إلا أن أتعاهده، قال: (لست من يفعله خيلاء) فمراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الصديق ليس من أهل الخيلاء وإنما يتفلت عليه إزاره بعض الأحيان فيتلافاه، فأنت كذلك إذا كنت ما أنت من أهل الخيلاء وإنما قد ينحل الإزار ثم تحفظه ثم تصونه وتصلحه فلا شيء عليك، لكن تسحب ثيابك عند الناس في المساجد وفي الأسواق وتقول: ما قصدت خيلاء، من يقول لك هذا؟! من يعلم قلبك وأنت تعمل ما حرم الله عليك؟ أنت متهم بالخيلاء! ثم لو قُدر أنك سليم فقد فعلت منكراً بإسبال الثياب وتعريضها للأوساخ والنجاسات ومخالفة الشرع المطهر بجعلها تحت الكعب، ثم هو إسراف لا حاجة إليه، فأنت قد فعلت منكراً من وجوه، وهكذا إذا كان الزوج يتعاطى السكر أو يتعاطى أشياء أخرى فغضب عليه أبوك أو أهلك بذلك ونصحوه فالإصلاح بينهم في هذا لا وجه له، الواجب أنكِ أنت وأهلك تستعينون بالله عليه وتنصحونه لكن بالأسلوب الحسن وبالتوجيه الطيب ولا تسامحوه، ليتعاطى المسكرات أو يتهاون بالصلاة أو ما أشبه ذلك. رزق الله الجميع التوفيق. جزاكم الله خيراً،