مرّ بالماء ولم يتوضأ وأدركته الصلاة ولم يجد ماء فتيمم

السؤال: كنا زملاء، وخرجنا للنزهة بعد الأذان، ومررنا بمزرعة، فتوضأ بعضنا والبعض لم يتوضأ، وكنا نظن أنه على وضوء، فلما بعدنا عن البلد وأردنا الصلاة تيمم وصلى؛ فلمناه على تركه الوضوء وقد مرّ بالماء. واعتذر عنه بعض الزملاء بأن ذلك جائز، وصار اختلاف في وجهات النظر. فنرجوكم إيضاح حكم هذه المسألة مشكورين؟

الإجابة

الإجابة: يمكن تفصيل الكلام على هذه المسألة فيما يلي:

▪ أولاً: إذا مر الإنسان بالماء قبل دخول الوقت، فجاوزه دون أن يتوضأ منه، فإذا دخل وقت الصلاة وكان عادمًا للماء، فإنه يتيمم ويصلي ولا إثم عليه ولا إعادة؛ لأنه لم يفرط، فهو غير مخاطب بالطهارة قبل دخول وقت الصلاة، وقد أتى بما هو مكلف به، وهو التيمم، فصلاته صحيحة، لكن ينبغي لمثل هذا أن لا يتجاوز الماء حتى يتوضأ؛ استعدادا للصلاة، لاسيما إذا كان الوقت قريبًا.

▪ ثانيًا: إذا مر بالماء بعد دخول الوقت، وأمكنه الوضوء منه ولم يتوضأ، وهو يعلم أنه لا يجد ماء غيره في طريقه فعمله هذا حرام؛ لأنه فرط بترك ما هو واجب عليه، وهو الوضوء في الوقت. ومع هذا فإذا لم يمكنه الوضوء في هذه الحالة، فإنه يتيمم ويصلي وصلاته صحيحة؛ لعدم قدرته على الماء حينئذ، مع أنه آثم في تركه الوضوء عندما مر بالماء، كما تقدم.

▪ ثالثًا: من مر بالماء وتوضأ، سواء كان قبل دخول الوقت أو بعده، ولما خرج عن البلد انتقض وضوؤه قبل أن يصلي. ففي مثل هذه الحالة يتيمم ويصلي ولا حرج عليه.

لكن لو حضرت الصلاة وهو حاقن، فهل الأفضل له أن يصلي بالوضوء وهو حاقن أو ينقض الوضوء، ويتيمم ويصلي بخشوع وحضور قلب؟

الأفضل له الثاني، وأن يذهب فيقضي حاجته، ويستجمر الاستجمار الشرعي، ثم يتيمم ويصلي بخشوع قلب.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية (1): أيهما أفضل يصلي المحتقن، أو المحتقب بوضوئه، أو يحدث ثم يتيمم لعدم الماء؟

فأجاب رحمه الله: صلاته بالتيمم بلا احتقان أفضل من صلاته بالوضوء مع الاحتقان؛ فإن هذه الصلاة مع الاحتقان مكروهة، فنهي عنها، وفي صحتها روايتان، وصلاته بالتيمم صحيحة لا كراهة فيها بالاتفاق. انتهى.

والحاقن: الذي احتبس بوله.
والحاقب -بالباء-: الذي احتبس منه الغائط، والله أعلم.

___________________________________________

1 - (مجموع الفتاوى) (21/473).