تفسير قوله (إن الصفا والمروة

نسأل لو تكرمتم كما يسأل السادة المستمعون عن قول الحق - تبارك وتعالى-: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا... [البقرة:158] الآية. ولما ذُكر الجناح في هذه

الإجابة

يقول الله – سبحانه-: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ - الصفا والمروة الجبلان المعروفان في مكة في طرفي المسعى- مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ –من معالمه دينه - فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158]. فكأن السائل يستشكل كيف يقال: فلا جناح؟ مع أن العبد مأمور بذلك، مفروض عليه أن يسعى، والجواب عن ذلك أن المسلمين تحرجوا عن السعي؛ لأن الجاهلية كانت تسعى بين الصفا والمروة، وكان على المروة صنم وعلى الصفا صنم، فتحرج الناس من ذلك، فأنزل الله الآية وأنه لا جناح على المسلمين لأنهم يسعون ليس كسعي الجاهلية، يسعون لله، والأصنام أزالها الله، كسرت الأصنام وأزالها الله على يد نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - التي في المسجد الحرام، والتي عند الصفا والمروة، وغير ذلك، كلها بحمد الله كسرت وأزيلت، المسلمون سعوا لله - عز وجل-، طاعة له، وتعظيماً لأمره كما سعى نبيهم - صلى الله عليه وسلم-، فلا جناح عليهم في ذلك، وإن كان الجاهلية يفعلون ذلك، لكن عمل الجاهلية غير عمل المسلمين، فالجاهلية يتقربون لأصنامهم وأوثانهم بقربات كثيرة، والمسلمون يتقربون إلى الله بسعيهم، وطوافهم، وصلواتهم، وغير ذلك، فبين سبحانه أنه لا جناح على المسلمين بطوافهم بين الصفا والمروة، وإن كان ذلك من عمل الجاهلية، لكن العمل الذي يفعله المسلمون لله وحده، واتباعاً لنبيه - عليه الصلاة والسلام-، وليس كعمل الجاهلية، فالواجب وفرضاً عليهم، ولا جناح عليهم فيه، ولا حرج عليهم فيه، وإن كانت الجاهلية قد فعلته.