بيان الطلاق الموافق للسنة وحكم الطلاق الثلاث وطلاق الغضبان في مجلس واحد

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم (م. ح). وفقه الله آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:[1] أخبركم بأني قد اطلعت على الورقة الواردة منكم المتضمنة بعض الأسئلة وهذا نصها وجوابها: أولا: ما هي الطريقة المشروعة للطلاق في ضوء القرآن والسنة؟

الإجابة

الطريقة المشروعة لذلك هي: أن يطلق الرجل زوجته طلقة واحدة حال كونها حاملا أو في طهر لم يجامعها فيه؛ لقول الله عزوجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[2] الآية. وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ من ذلك وقال: ((مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض تم تطهر تم يطلقها إن شاء قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)). وفي رواية لمسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا)).

 

ثانيا: الطلاق الثلاث في مجلس واحد يعتبر طلاقاً واحداً أم ثلاثا؟

الجواب: الطلاق الثلاث بكلمة واحدة يعتبر طلقة واحدة في أصح قولي العلماء؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنهما طلاق الثلاث واحدة)، فقال عمر رضي الله عنه: (إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم في أناة فلو أمضيناه عليهم). فأمضاه عليهم، فيتضح من هذا أن إمضاءها كان باجتهاد عمر رضي الله عنه والأخذ بالسنة الصحيحة أولى من الاجتهاد من عمر وغيره، وأرفق بالأمة وأنفع لها، ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في المسند بسند جيد عن ابن عباس أن أبا ركانة طلق امرأته ثلاثا فحزن عليها فردها عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ((إنها واحدة)).

 

ثالثا: رجل في حالة الغضب الشديد قال لزوجته: طلقتك ثلاثا، وهو الآن متأسف على هذا ويريد إرجاعها ما هو الحكم الشرعي في هذا؟

الجواب: الطلاق في حال الغضب الشديد لا يقع سواء كان ثلاثا أم واحدة في أصح قولي العلماء إذا ثبت ما يدل على صحة الدعوى من ظاهر الحال التي نشأ عنها الطلاق، أما إن كان الغضب أفقده شعوره حتى لم يعرف ما وقع منه فإنه لا يقع الطلاق منه إجماعاً كالمجنون والسكران غير الآثم، أما السكران الآثم فالأصح عدم وقوع الطلاق منه في حال سكره وتغير عقله كما أفتى بذلك عثمان رضي الله عنه، وذهب إليه جمع من أهل العلم، وهو مقتضى الأدلة الشرعية.

وأسأل الله أن يوفق الجميع للفقه في دينه والثبات عليه إنه خير مسئول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

[1] أسئلة أجاب عنها سماحته برقم (121) في 30 / 1 / 1400ه

[2] سورة الطلاق، الآية 1.