منافع العصا

السؤال: سائل يسأل عن معنى قوله تعالى حكاية عن نبيه موسى عليه السلام حينما سأله عما في يمينه، فقال: {هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} (1)، ما تلك المآرب الأخرى؟ وهل ورد فيها شيء عن المفسرين أو عن غيرهم؟

الإجابة

الإجابة: قال الإمام صديق بن حسن خان في تفسيره (فتح البيان في مقاصد القرآن) (2) في تفسير هذه الآية من سورة طه ما نصه: وقد تعرض قوم لتعداد منافع العصا فذكروا من ذلك أشياء منها: قول بعض العرب: عصاي أركزها لصلاتي، وأعدها لعداتي، وأسوق بها دابتي، وأقوى بها على سفري، وأعتمدها في مشيتي ليتسع خطوي، وأثب بها النهر، وتؤمنني العثر، وألقي عليها كسائي فتقيني الحر، وتدفيني من القر، وتدني إلي ما بعد مني، وهي تحمل سفرتي وعلاقة أدواتي، أَعْصَى بها عند الضراب، وأقرع بها الأبواب، وأتقي بها عقور الكلاب، وتنوب عن الرمح في الطعان، وعن السيف عند منازلة الأقران، ورثتها عن أبي وأورثها بعدي ابني. انتهى. وقال الشوكاني: قد وقفت على مصنف في مجلد لطيف في منافع العصا لبعض المتأخرين، وذكر فيه أخبارا وأشعارا، وفوائد لطيفة ونكتا شائقة.

وقد جمع الله سبحانه لموسى في عصاه من البراهين العظام، والآيات الجسام ما أَمِنَ به من كيد السحرة، ومعرة المعاندين، واتخذها سليمان لخطبته وموعظته، وطول صلاته، وكان ابن مسعود صاحب عصاة النبي صلى الله عليه وسلم وعَنَزَتِهِ، وكان يخطب بالقضيب، وكذلك الخلفاء من بعده.

وكان عادة العرب العَرْباء أخذ العصا، والاعتماد عليها عند الكلام وفي المحافل والخطب. وقال بعضهم: إمساك العصا سنة الأنبياء، وزينة الصلحاء، وسلاح على الأعداء، وعون الضعفاء، وغم المنافقين، وزيادة في الطاعات.

ويقال: إذا كان مع المؤمن العصا يهرب منه الشيطان، ويخشع منه المنافق والفاجر، وتكون قبلته إذا صلى، وقوته إذا أعيا. انتهى من تفسير صديق.

___________________________________________

1 - سورة طه: الآية (18).
2 - (6/74) طبعة مطبعة العاصمة عبد المحيي علي محفوظ.