هل ذكر الله أفضل من الصلاة المكتوبة؟

السؤال: يقول بعض الصوفية: "ذكر الله أفضل من الصلاة المكتوبة"، بدليل قوله تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت:45]، فهل ذكر الله أفضل من الصلاة كما يقولون؟

الإجابة

الإجابة: أمر الله بالإكثار من ذكره؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب:42]، وبيَّن سبحانه أن القلوب تطمئن بذكره، فقال: {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]، وعدّ النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر الله خالياً ففاضت عيناه في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وضرب لنا مثلاً لمن يذكر ربه والذي لا يذكره بالحي والميت، ففي الذكر حياة القلوب واطمئنانها وصفاء النفوس وطهارتها وفضله عند الله عظيم.

ولا شك أن الصلاة مشتملة على أفضل الأذكار من تلاوة القرآن والتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والشهادتين، وفضل كلام الله على كلام عباده كفضله على البشر، وأفضل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله كلمة: "لا إله إلا الله..." إلخ، وهي موجودة في الصلاة كما أن الصلاة مشتملة على الركوع والسجود، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.

فتفضيل الذكر في غير الصلاة على الصلاة تفضيل للشيء على نفسه إن لم يكن تفضيلاً على ما هو أعلى منه وهذا غير صحيح.

ومعنى قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت:45]، أي: الصلوات المفروضة في أوقاتها كما شرع الله وبيّنه رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله وعمله، فإنها إن أداها المسلم على الوجه المشروع حالت بينه وبين ما يستفحش من الذنوب وعصمه الله بها من ارتكاب المنكرات، ولذكر الله إياكم إذا أنتم ذكرتموه أعظم قدراً وأفضل مثوبة وأجراً، كما قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:152]، وقد اختاره ابن جرير في تفسيره، ووافقه على ذلك جماعة من المفسرين اعتماداً منهم على ما نقل عن كثير من الصحابة والتابعين.

لا يتوقف ذكر العباد لربهم على إذن من المشايخ لهم في أن يذكروه سبحانه بتلاوة كتابه وبالأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم تسبيحاً وتحميداً وتهليلاً وتكبيراً بعد أن أمرنا الله بذلك وحثنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن زعم من المشايخ المتصوفة أو مريديهم أن لكل اسم من أسماء الله خادماً أو أن على ذكر الله بما شرع الله حجراً حتى يأذن الشيخ للمريد بالذكر فقد ابتدع في الدين وافترى على الله ورسوله، فإنه لم يثبت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على شيء من ذلك، فما يزعمه بعض المتصوفة إنما هو من البدع المحدثة؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد"، والله المستعان.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.



مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الثاني والعشرون (العقيدة).