كيف يكون الغرض من الكسوف التخويف؟

السؤال: الكسوف والخسوف آيتان من آيات الله تعالى لتخويف العباد، وتذكيرهم بالله عز وجل كي يجتنبوا المعاصي التي يقعون فيها ليلاً ونهاراً، وقد أصبح علماء الفلك يقولون: بأنها حادثة طبيعية تحصل في السنة مرة، أو أكثر من مرة بطريقة معينة، فكيف يكون التخويف؟ وأصبحوا أيضاً يعلنون عنها سواء في الصحف أو غيرها، فإذا حدثت أصبح الناس لا يخافون ولا يتعظون وأصبح لديهم تبلد في الحس فما قولكم في هذا؟ وكيف يكون التخويف في هذه الآية؟

الإجابة

الإجابة: يكون التخويف في هذه الآية لمن كمُلَ إيمانه بالله عز وجل وبما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

والكسوف، أو الخسوف له سببان:

سببٌ طبيعي: يدرك بالحس والحساب، فهذا يُعلم لأهل الحساب ويعرفونه ويقدرون ذلك بالدقيقة.

وسبب شرعي: لا يُعلم إلا بطريق الوحي، وهو أن الله يقدر هذا الشيء تخويفاً للعباد، فنسأل: من الذي قدَّر السبب الطبيعي حتى حصل الكسوف، أو الخسوف؟ إنه الله.
لماذا؟ ليخاف الناس ويحذروا.

ولهذا خرج النبي عليه الصلاة والسلام حين رأى الشمس كاسفة، خرج فزعاً حتى لُحق بردائه وجعل يجره، وفزع الناس، وأمر من ينادي بالصلاة جامعة، واجتمع المسلمون في مسجد واحد يدعون الله عز وجل ويفزعون إليه، فالمؤمن حقّاً يفزع، ومن تبلد ذهنه، أو ضعف إيمانه فإنه لا يهتم بهذا الشيء.

وأما إخبار الناس بها قبل حدوثها، فأنا أرى أنه لا ينبغي أن يخبروا بها، لأنهم إذا أخبروا بها استعدوا لها وكأنها صلاة رغبة، كأنهم يستعدون لصلاة العيد، وصارت تأتيهم على استعداد للفعل لا على تخوف، لكن إذا حدثت فجأة، حصل من الرهبة والخوف ما لا يحصل لمن كان عالماً.

وأضرب مثلاً بأمر محسوس، لو نزلت من عتَبةٍ وأنت مستعدٌ متأهب، وتعرف أن تحتك عتبة هل تتأثر بشيء؟ لكن لو كنت غافلاً لا تدري، ثم وقعت في العتبة صار لها أثر في قلبك وأثر عليك.

فلهذا أتمنى أن لا تذكر ولا تنشر بين الناس، حتى لو نشرت في الصحف لا تنشرها بين الناس، دع الناس حتى يأتيهم الأمر وهم غير مستعدين له وغير متأهبين له، ليكون ذلك أوقع في النفوس.



مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد السادس عشر - باب صلاة الكسوف.