تفسير بعض الآيات المُشكلة (سورة النمل)

السؤال: تفسير بعض الآيات المُشكلة (سورة النمل)

الإجابة

الإجابة:

هذا تفسير آيات أشكلت حتى لا يوجد في طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ فيها‏.

‏‏ منها قوله تعالى{ممَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا}‏‏ الآية ‏[‏النمل‏:‏ 89‏]‏، المشهور عن السلف أن الحسنة‏:‏ لا إله إلا اللّه، وأن السيئة‏:‏ الشرك، وعن السدى قال‏:‏ ذلك عند الحساب ألغى بدل كل حسنة عشر سيئات، فإن بقيت سيئة واحدة فجزاؤه النار إلا أن يغفر اللّه له‏.

‏‏ قلت‏:‏ تضعيف الحسنة إلى عشر وإلى سبعمائة ثابت فى الصحاح، وأن السيئة مثلها، وأن الهم بالحسنة حسنة، والهم بالسيئة لا يكتب‏.‏

فأهل القول الأول قالوه؛ لأن أعمال البر داخلة فى التوحيد، فإن عبادة اللّه بما أمر به كما قال‏:‏ ‏{‏‏بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ}‏‏ الآية ‏[‏البقرة‏:‏ 112‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏‏أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً}‏‏ الآية ‏[‏إبراهيم‏:‏ 24‏]‏‏.‏

فالكلمة الطيبة‏:‏ التوحيد، وهى كالشجرة، والأعمال ثمارها فى كل وقت، وكذلك السيئة، هى العمل لغير اللّه، وهذا هو الشرك، فإن الإنسان حارث هُمَام لابد له من عمل ولابد له من مقصود يعمل لأجله‏.‏

وإن عمل للّه ولغيره فهو شرك‏.

‏‏ والذنوب من الشرك فإنها طاعة للشيطان‏.‏ قال‏:‏‏{‏‏إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ‏} الآية ‏[‏إبراهيم‏:‏ 22‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ‏} الآية ‏[‏يس‏:‏ 60‏]‏، وفى الحديث "وشر الشيطان وشركه"‏‏‏.

‏‏ لكن إذا كان موحداً وفعل بعض الذنوب نقص توحيده‏.‏ كما قال "لا يزنى الزانى‏"‏‏ إلخ‏.‏

ومن ليس بمؤمن فليس بمخلص، وفى الحديث "تعس عبد الدينار‏"‏‏ إلخ‏.‏

وحديث أبى بكر‏:‏ قل "اللهم إنى أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم‏"‏‏ إلخ، لكن إذا لم يعدل باللّه غيره فيحبه مثل حب اللّه، بل اللّه أحب إليه وأخوف عنده وأرجى من كل مخلوق، فقد خلص من الشرك الأكبر‏.‏





مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الخامس عشر.