الحكمة في الدعوة إلى الله عزوجل

بعض الأعمال ظاهرة الفضل، وقد يستنكر بعض الناس إذا قلت إن هذا العمل غير مشروع، ولا يجوز، وأنه بدعة، كيف نوجه الناس في هذه الحالة؟

الإجابة

قد تقرر في الأصول أن الشرع هو ما شرعه الله ورسوله، وأن الدين هو ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ربه -عز وجل-، فمن قال قولا أو ادعى دعوى فعليه البرهان، فعليه الدليل، فإذ قال: هذا بدعة، أو هذا غير مشروع، فعليه الدليل الذي يدل على شرعية هذا أو بدعية هذا، وليست أقوال الناس حجة إذا لم تستند على نص من كتاب الله أو من سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو من إجماع أهل العلم، إذا قلت أنا أو غيري: هذه بدعة، فعلي الدليل، وإذا قال غيري أو أنا: هذا مشروع، فعلي الدليل، فإذا قلنا: إن الأذان عند القبور والإقامة عند القبور والقراءة عند القبور أو الصلاة عندها بدعة فحجتنا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وقال: (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا)، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك، والله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب: 21]، فلم يقرأ عند القبر لا هو ولا أصحابه، ولم يؤذن عند القبر ولم يقم عند القبر لا هو لا أصحابه، ونحن مأمورون بالاتباع الله يقول -سبحانه-: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ[النساء: 59]، ويقول -سبحانه وتعالى-: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب: 21]، ويقول -عز وجل-: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ[التوبة: 100]، فالمتبع بإحسان هو الذي يسير على نهجهم ولا يزيد عليهم ولا ينقص، بل يتبعهم ويسير على نهجهم وطريقهم، فعلى من زعم أنه يؤذن في القبر أو يقام أو يقرأ في القبر أو يلقن الميت عليه الدليل، ونحن بينا أنه لا دليل معه، بل الدليل مع خصمه، ولم يثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- لقن الميت ولا أمر بتلقينه، والميت انقطع عمله بعد الممات، الميت ما عاد ينفعه الكلام، انقطع عمله يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، فالقبر مو محل عمل، هو محل مساءلة ومحل جزاء، هذه حجة من قال بهذه الأمور أنها بدعة. وإذا قلنا أنه يشرع للمؤمن أن يصلي على الميت وأن يتبع الجنازة وأن يدعو للميت وإذا دفناه يدعو له بالمغفرة والثبات لأن الرسول فعل ذلك، وأمر بذلك، وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت يقف عليه، ويقول: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسال)، فنحن إذا قلنا يوقف ويستغفر له ويدعى له بالثبات هذا حق، لأن الرسول فعل ذلك وأمر به -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا بقية الأمور كل من ادعى شيئا أنه مشروع يقال: هات البرهان، لأن الله -سبحانه- يقول: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ[البقرة: 111]، ومن ادعى أن هذا بدعة يقال: هات البرهان، هكذا هذا هو الميزان، وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ * إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[النساء: 59]، ولولا هذا لقال كل أحد ما شاء، ولهذا عرفنا أن البناء على القبور والقباب واتخاذ المساجد عليها بدعة لماذا؟ لأن الرسول أنكر هذا -عليه الصلاة والسلام-، فقال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وقال جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تجصيص القبور، والقعود عليها، والبناء عليها) رواه مسلم في الصحيح، فلهذا نقول: إن البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب من البدع المنكرة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعن من فعل ذلك، ونهى عن تجصيص القبور، ونهى عن البناء عليها، فواجب علينا الامتثال، وواجب علينا أن نعمل بما وجهنا إليه -عليه الصلاة والسلام-. إذن الأعمال وإن كان ظاهرها الفضيلة فلا بد أن تكون مدعمة بالأدلة من الشريعة الإسلامية حتى تكون عملاً مسنوناً يتبعه الناس ويعملوا به. نعم.