حكم التَّصرُّف في الأمانة

السؤال: هل يمكن التَّصرُّف في الأمانة حتى رجوع الشخص (نوع الأمانة: نقود)، وما الحكم عليها؟

الإجابة

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فإنه لا يجوز التصرُّفُ في الأمانة ما لم يأذن صاحبها في ذلك، فإن تصرف فيها المؤتَمَن؛ فيَلْزمُه ضمانها؛ لتعديه بالتصرف في الأمانة دون إذن المُودِع لها.

قال ابن أبي زيد المالكي في "الرسالة": "ومن تَعدَّى على وَديعة، ضَمِنها".

وفي "المدونة" عن مالك قال: "من استُودِع مالاً، أو بُعث به معه، فلا أرى أن يَتَّجر به، ولا أن يسلفه أحدًا، ولا يحرِّكه عن حاله؛ لأني أخاف أن يُفلس، أو يموت؛ فيتلف المال، وتضيع أمانته". اه.

وعليه فالذي ينبغي على الشخص المؤتَمَن، هو أن يحفظ الأمانة، ولا يتصرف فيها إلا بإذن من المُودِع؛ لأنه إنما دفعها إليه؛ ليحفظها، لا ليَنتَفِع بها، أو يَتصَرَّف فيها.

إلا إذا كان المؤتَمَن له مال ووفاء، وأَشهَدَ على الوَديعَة؛ فلا بأس أن يَتصرَّف في الوَديعة بدون إذن صاحبها. قال في "التَّاج والإكْليل": "ليس للمُودَع أن يتسلَّف الوَديعَة إذا كان فقيرًا، فإن كان مُوسِرًا؛ فإن كانت الوديعة عُرُوضًا، أو مما يُقضى فيه بالقيمة، أو مما يُكال أو يُوزَن، وكان يَكثُر اختلافُه ولا يُتَحصَّل أمثالُه، كالكتَّان؛ فليس للمُوسِر أيضًا أن يَتَسلَّفها. وكُره النقد".

الباجيُّ: "اختُلف في جواز التسلُّف من الوَدِيعة بغير إذن ربها؛ ففي "المَعونة" أنه مكروهٌ، وفي "العُتْبِيَّة" عن مالكٍ: "تَرْكُه أحبُّ إليَّ". وقد أجازه بعضُ الناس، فرُوجِع في ذلك؛ فقال: "إن كان له مالٌ فيه وفاءٌ، وأَشهَدَ، فأرجو أن لا بأس به".

الباجيّ: "وهذا في الدنانير والدراهم. ووَجهُ الجواز، إذا قلنا: إن الدنانير والدراهم لا تَتعيَّن، كأنه لا مَضرَّة على المُودِع في انتفاع المُودَع بها إذا ردَّ مِثلها، وقد كان له أن يرُدَّ مِثلها ويتَمَسَّك بها مع بقاء أعيانها؛ ولأنَّ المُودِع قد ترك الانتفاع بها مع القدرة؛ فجاز للمُودَع الانتفاعُ به". انتهى،، والله أعلم.