ما هي عقيدة الأشعري؟

السؤال: ما هي عقيدة الأشعري؟

الإجابة

الإجابة: إن الأشعري أبا الحسن علي بن إسماعيل من ذرية أبي موسى الأشعري هو من أئمة الدين ومن المحدثين والأصوليين والقراء، وقد اجتهد في بعض أمور الدين فأصاب في بعضها وأخطأ في بعضها، فما اجتهد فيه من العقائد بعضه صواب لا غبار عليه وبعضه خطأ بيّنٌ واضح، فلذلك لا حرج في تقليده في الصواب الذي أصاب فيه في حق من لا يعرف الدليل ولا يستطيعه، ولا يجوز تقليده فيما أخطأ فيه في حق من عرف أنه خطأ، وهذا أيضاً هو مذهب الأشعري وهو مذهب كل مجتهد من المجتهدين من أهل الدين، يرون موافقتهم فيما وافق الشرع ويرون عدم تقليدهم فيما خالف الشرع لدى الإنسان نفسه، فالخطاب الذي تخاطب به بين يدي الله ليس مقتضى عقل الأشعري ولا عقل مالك ولا عقل الشافعي، إنما تخاطب على مقتضى عقلك أنت، وما بلغك من الشرع، فما ترجح لديك لا تُعذر في تركه ولو خالفه جمهور الناس، إذا ترجح لديك أن هذا النص ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهمته بمقتضى اللغة وأنت من أهل الفهم في الشرع فهمته فهما لا يحل لك تركه بما لم تعرف دليله، ولو أتاك الأشعري نفسه وخاطبك بذلك، أو أتاك مالك وخاطبك به لا يحل لك العدول عن الدليل إذا عرفته، فلذلك لا يقال: عقيدة الأشعري باطلة مطلقاً ولا صحيحة مطلقاً، بل هي اجتهادات فيها صواب وفيها خطأ.

والذي ذكره أهل العلم من أخطائه أربعة أخطاء فقط، وقد ذكر هو رجوعه عنها في كتاب مقالات الإسلاميين، وقد قال الحكماء قديماً: كفى المرء نُبلاً أن تعد معايبه، إذا كان الأشعري مجتهداً واجتهد في كثير من الاجتهادات فأخطأ في أربعة فقط ورجع عنها فهذا يكفيه فخراً ويكفيه دليلاً على الاستقامة أنه رجع عمَّا تبين له خطؤه فيه، ولذلك فإنه يقول في كتاب مقالات الإسلاميين كلما أتى إلى مقالة من المقالات التي كان له فيها مذهب ورجع عنه يذكر قول أهل الحديث وأهل السنة ثم يقول: "وبقولهم أقول"، وهذا رجوع صريح من أبي الحسن رحمه الله إلى ذلك القول، وقد بين ذلك في مقدمة كتاب الإبانة أيضاً وصرّح به.

وعموماً فكثير من الأقوال التي تنسب إلى أبي الحسن والتي يراها الناس من مذهبه وهي مدونة في كتب الأشاعرة لا صلة لأبي الحسن الأشعري بها، لا يقولها أبداً بوجه من الوجوه، فمثلاً: مسألة الأحوال التي هي من أعظم المسائل التي خاض فيها الأشاعرة، قد نص الأشاعرة جميعاً على أن أبا الحسن لا يراها، وأنه يخالفهم فيها، ومسألة إثبات صفة مستقلة تسمى الوجود وهي الصفة النفسية وهي مسألة لدى المتأخرين من الأشاعرة يصرحون بأن أبا الحسن ينكرها، ولذلك قال المقري في الإضاءة:
ومن يرى الوجود عين الذات *** كالشيخ لم يعدده في الصفات
وأيضاً فإن كثيراً من الأقوال المنسوبة إلى أبي الحسن لا تصح نسبتها إليه بوجه من الوجوه، كما يتعلق بالتقليد في أصول الدين، ولذلك قال السيوطي رحمه الله:
يمتنع التقليد في العقائد *** للفخر والأستاذ ثم الآمدي والعنبري جوزه وقد حظر *** أسلافنا كالشافعي فيه النظر ثم على الأول إن يقلد *** فمؤمن عاص على المعتمد لكن أبو هاشم لم يعتبر *** إيمانه وقد عزي للأشعري قال القشيري عليه مفترى *** والحق إن يأخذ بقول من عرى
فهذا القول نسبته إلى أبي الحسن الأشعري افتراء على أبي الحسن ليس من كلامه،
قال القشيري عليه مفترى *** والحق إن يأخذ بقول من عرى بغير حجة لأدنى وهم *** لم يكفه ويكتفي بالجزم
هذا في الكوكب الساطع في نظم جمع الجوامع للسيوطي، لم يقل بذلك أبو الحسن قط، لم يقل بنفي العلو ولا قال إن الله في كل مكان أبداً، ما قال هذا النوع من الكلام، بل قد نص على أن أئمة السلف نصوا على أن من قال إن الله في الأرض أو أنه في كل مكان فقد كفر.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.