كتابة آيات وشربها للتداوي

هنالك بعض الفقهاء عندنا في السودان نسمي الواحد منهم: فقي، أي فقيه، يكتبون الآيات القرآنية في شكل أوراق صغيرة أو حجاب، أو على ألواح من الخشب، وتمحى وتشرب حسب المرض، كما أن الحجاب مثلاً ضد السلاح، أو حفظاً من الشيطان والعوارض، كما تزعم فئةٌ أخرى وغير مجربة لها بأنها أسحار، كما أن هناك شهود عيان على هؤلاء الفقهاء قد عالجوا مئات من المجانين ومختلي العقول، وتُلبس لهم آلاف الحجب يزعمون بأنها ضد السلاح ما رأيكم في هؤلاء؟

الإجابة

هذا الكلام فيه تفصيل فطالب العلم أو من يسمى فقيهاً إذا كتب آيات من القرآن في ورقة أو صحن بالزعفران أو بالعسل أو نحو ذلك حتى يغسلها المريض ويشربها هذا أجازه كثير من أهل العلم، وذكره العلامة ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد في هدي خير العباد عن جماعة من أهل العلم من السلف، وذكره غيرهم أيضاً، فالأمر فيه واسع وسهل، إذا كتب آيات من القرآن أو دعوات طيبة بالزعفران أو بالعسل ثم غُسِّل وشربه المريض قد يذهب الله بذلك. ولكن أحسن من هذا أن يقرأ على المريض، ينفث عليه بالآيات والدعوات الطيبة ويسأل الله له الشفاء هذا أحسن، لأن قرأ في الماء وشربه المريض أو رش عليه به نفع بإذن الله أيضاً. أما الحجب وهي ما يكتب في أوراق تعلق على المريض كأن يكتب آيات تعلق على المريض ضد السلاح أو ضد الجن، هذا لا يجوز، وإذا جاز بعض أهل العلم تعليق القرآن، بعض أهل العلم أجاز تعليق الآيات، ولكنه قول ضعيف، ومرجوح، والصواب أن الحجب لا يجوز اتخاذها، لا من الآيات ولا من غير الآيات، أما من غير الآيات كالعظام والودع والطلاسم والأسماء المجهولة هذه لا تجوز بغير شك؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) فمن تعلق تميمة فقد أشرك، فهي من الجاهلية، ولأنها تصد القلوب عن الله وتعلقها بغيره، فالقلوب يجب أن تعلق بالله -سبحانه وتعالى- وتعتمد عليه، فتعليق هذه التمائم تجعل القلوب تميل إليها وتتعلق بها وترتاح لها وهذا خطر عظيم، فلا يجوز تعليق التمائم وهي الحجب، وتسمى جوامع، ولها أسماء عند الناس. ومن هذا ما رواه عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً في يده حلقة من صفر فقال: (ما هذا؟ قال: من الواهنة، فقال له النبي: (انزعها فإنها لا تزيدك وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الحلقة التي يعلقها بعض الناس في يده عن مرض يسمى الواهنة، لا تزيده إلا وهنا، وأنها منكرة لا تجوز. ...... التمائم. ودخل حذيفة ابن اليمان -رضي الله عنه- الصحابي الجليل على رجل فوجد في يديه خيطاً من الحمى فقطعه -سأل عن هذا قال: من أجل الحمى فقطعه- وتلا قوله -تعالى-: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ[يوسف: 106]، فيدل على أن عمل الصحابة إنكار هذا الشيء والنهي عنه، فلا يجوز لمسلم ولا لمسلمة تعليق هذه التمائم، ولا هذه الخيوط والحجب على مريض أو على صبي أو على غيرهما لدفع الجن أو السلاح أو ما أشبه ذلك؛ لأن الرسول نهى عن هذا -عليه الصلاة والسلام- وبين أن تعليق التمائم لا يجوز، ولم يفصل بين تميمة، ولم يقل إلا من القرآن، بل عمم فدل ذلك على أن التمائم كلها من القرآن وغير القرآن ممنوعة؛ لأن الرسول عمم في النهي -عليه الصلاة والسلام- وهو المشرع، وهو أنصح الناس للناس، ولو كان في التمائم شيء مستثناه لاستثناه النبي -صلى الله عليه وسلم-. ثم أيضاً تعليق التمائم من القرآن وسيلة لتعليق التمائم الأخرى، فيلتبس الأمر ويخفى على الناس، وتنكشف التمائم الشركية، وسد الذرائع من أهم المهمات في الشريعة الإسلامية. فوجب منع التمائم كلها عملاً بعموم الأحاديث وسداً لذرائع الشرك، وحماية الأمة مما يفسد عقيدتها، ويسبب غضب الله عليها -سبحانه وتعالى-. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.