هل إقامة الحد في الدنيا شرط لقبول التوبة؟

رجل ارتكب كبيرة وتاب إلى الله توبةً نصوحا، ولكنه ستر نفسه، ولم يعلم أحدٌ بذلك إلا الله -عز وجل-، ولم يقام عليه الحد في الدنيا، فهل إقامة الحد في الدنيا شرطٌ لقبول التوبة والتطهر من ذات المعصية، وما موقفه يوم القيامة، هل سيقام عليه حد العذاب أو يعذب بمقدار ما اقترف، علماً بأنه تاب توبة نصوحاً؟ أفيدونا بشيء من التفصيل

الإجابة

التوبة يمحوا الله بها ما مضى من الذنوب، الحد يكفر الله به السيئة، إقامة الحد تكفير والتوبة تكفير، فإذا تاب توبة نصوحاً كفر الله عنه الذنب وإن لم يقم عليه الحد، فحصل له الستر والعافية والحمد لله، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التوبة تجب ما قبلها) وقال الله -جل وعلا-: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[الزمر:53]، أجمع العلماء -رحمة الله عليهم- على أن هذه الآية في التائبين؛ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أي بالذنوب والمعاصي أو بالشرك، لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ينهاهم عن القنوط وهو اليأس من رحمة الله، ثم يقول -سبحانه-: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً يعني للتائبين، فإذا تاب توبة نصوحاً بالندم على الماضي، والإقلاع من الذنب وتركه، والعزم الصادق أن لا يعود فيه تعظيماً لله، ورغبة بما عنده، وحذراً من عقابه، تاب الله عليه، ومحى عنه الذنب ولا حاجة للحد، يستر نفسه والحمد لله، لما جاء ماعز وقد زنى أمره النبي بالتوبة، فلم يزل يلح حتى أقام عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- الحد، المقصود أن التوبة تكفي، فالتوبة كفارة والحد كفارة، فإذا من الله عليه بالتوبة في حياته، وتاب توبة صادقة بالندم، والإقلاع والعزم على أن لا يعود، غفر الله له ذنبه، ومحى عنه السيئة وصار كمن لا ذنب له. سماحة الشيخ البعض من الناس يقول بعد عودته إلى الله -عز وجل- يذكر الناس بما فعل في الأيام الماضية مع أن الله -عز وجل- ستره هل من توجيه حول هذا؟ لا يجوز له أن يقول: فعلت وفعلت، يحمد الله الذي ستره، الإنسان إذا ستره الله لا يفضح نفسه، ولكن يحث الناس على التوبة ويرغبهم فيها، ويذكر لهم الآيات والأحاديث، هذا هو الواجب عليه، أما أن يقول: فعلت كذا وفعلت لا يجوز، من ستره الله يحمد ربه على الستر.