سُئلَ عن أن أهل الجنة يأكلون ويشربون....

السؤال: سُئلَ رَحمَهُ اللَّهُ عن رجل قيل له‏:‏ إنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏"أن أهل الجنة يأكلون ويشربون، ويتمتعون، ولا يبولون ولا يَتغَوَّطون".فقال‏:‏ من أكل وشرب بال وتَغَوَّطَ‏.‏ ثم قيل له‏:‏ إن في الجنة طيورًا، إذا اشتهى صار قدامه على أي صورة أراد من الأطعمة وغيرها، فقال‏:‏ هذا فُشَار‏ [‏الفُشَار‏:‏ الذي تستعمله العامة، ليس من كلام العرب‏]‏‏.‏ هل بجحده هذا يكفر ويجب قتله أم لا‏؟ ‏‏

الإجابة

الإجابة: الأكل والشرب في الجنة ثابت بكتاب اللّه، وسنة رسوله، وإجماع المسلمين‏.‏
وهو معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، وكذلك الطيور والقصور في الجنة بلا ريب، كما وصف ذلك في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أن أهل الجنة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يبَصُقون، لم يخالف من المؤمنين باللّه ورسوله أحد، وإنما المخالف في ذلك أحد رجلين‏:‏ إما كافر، وإما منافق‏.‏
أما الكافر، فإن اليهود والنصارى ينكرون الأكل والشرب والنكاح في الجنة، يزعمون أن أهل الجنة إنما يتمتعون بالأصوات المطربة والأرواح الطيبة مع نعيم الأرواح، وهم يقرون مع ذلك بحشر الأجساد مع الأرواح ونعيمها وعذابها‏.‏
وأما طوائف من الكفار، وغيرهم من الصابئة والفلاسفة ومن وافقهم، فيقرون بحشر الأرواح فقط، وأن النعيم والعذاب للأرواح فقط‏.
‏‏ وطوائف من الكفار والمشركين وغيرهم، ينكرون المعاد بالكلية، فلا يقرون لا بمعاد الأرواح، ولا الأجساد‏.
‏‏ وقد بين اللّه تعالى في كتابه على لسان رسوله أمر معاد الأرواح، والأجساد، ورد على الكافرين والمنكرين لشيء من ذلك؛ بيانًا في غاية التمام والكمال‏.
‏‏ وأما المنافقون من هذه الأمة، الذين لا يقرون بألفاظ القرآن والسنة المشهورة فإنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ويقولون‏:‏ هذه أمثال ضربت لنفهم المعاد الروحاني، وهؤلاء مثل القرامطة الباطنية الذين قولهم مؤلف من قول المجوس والصابئة، ومثل المتفلسفة الصابئة المنتسبين إلى الإسلام، وطائفة ممن ضاهوهم، من كاتب، أو متطبب، أو متكلم، أو متصوف كأصحاب‏ [رسائل إخوان الصفا] ‏وغيرهم أو منافق‏.‏
وهؤلاء كلهم كفار يجب قتلهم باتفاق أهل الإيمان؛ فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم قد بين ذلك بيانًا شَافيًا قاطعًا للعذر، وتواتر ذلك عند أمته، خاصها وعامها‏.‏
وقد ناظره بعض اليهود في جنس هذه المسألة وقال"‏‏ يا محمد، أنت تقول‏:‏ إن أهل الجنة يأكلون ويشربون، ومن يأكل ويشرب لابد له من خلاء‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏‏ ‏رَشْح كرشح المِسْك‏"‏‏‏ .
‏‏ ويجب على ولي الأمر قتل من أنكر ذلك، ولو أظهر التصديق بألفاظه، فكيف بمن ينكر الجميع‏؟‏ ‏


مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع (العقيدة)