حكم البناء على القبور

هل يجوز البناء على الميت كالبيت مثلاً، ولعله يقصد القبر سماحة الشيخ؟

الإجابة

البناء على القبور لا يجوز مطلقاً، بل ذلك من أسباب الشرك ومن ذرائع الشرك، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وثبت في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه)، فلا يجوز البناء عليه لا قبة ولا حُجرة ولا مسجد ولا غير ذلك، ولا يقعد عليه، ولا يجصص، ولا يجعل عليه الستور والأطياب، كل هذا منكر ومن وسائل الشرك. فالواجب الحذر من ذلك، والواجب على المسلمين في كل مكان أن يحذروا هذا العمل السيئ الذي انتشر في بلدان كثيرة، ومدن كثيرة، فالواجب هدم المساجد التي على القبور إذا كانت بنيت عليها، والقباب التي على القبور تهدم وتزال، هذا الواجب على الدول الإسلامية أن يزيلوها، وتكون القبور مكشوفة ليس عليها شيء، أما إن كان القبر جديداً هو الذي دفن في المسجد والمسجد قبله، أي المسجد قديم، فإنه ينبش القبر ويخرج إلى المقابر، يدفن مع المقابر ولا يكون في المسجد، بل يجب أن ينبش وأن ينقل رفاته إلى المقابر العامة، ويبقى المسجد سليما يصلى فيه. أما إن كان القبر قديما وبني المسجد عليه فإنه يهدم المسجد، ولا يجوز بقاؤه، فيجب على رؤساء الدول الإسلامية والمسئولين أن يقوموا بهذا الواجب، وأن يمنعوا الناس من الشرك وذرائعه، فإن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات شرك أكبر، وبناء المساجد على القبور بدعة ومن أسباب الشرك؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في الصحيح عن جندب بن عبد الله البجلي يقول -صلى الله عليه وسلم-: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ولما قالت له أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما: إنهما رأتا في أرض الحبشة صورا في بعض الكنائس، قال صلى الله عليه وسلم في حق النصارى: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور) ثم قال: (أولئك شرار الخلق عند الله)، فأخبر أنهم شرار الخلق بسبب أعمالهم وهي البناء على القبور واتخاذ الصور عليها. فالواجب على الحكومات الإسلامية، وعلى جميع العلماء أن يسعوا في إزالة هذه الأبنية التي على القبور، من المساجد والقباب وغيرها، وأن تكون القبور بارزة مكشوفة ليس عليها بناء، ولا مانع من رفع القبر قدر شبر يجمع ترابه، حتى يعرف أنه قبر، ويكون له لحد ويكون التراب الباقي يجمع على القبر حتى يكون فوقه علامة على أنه قبر، وعليه نصائب __ ونحوه حتى يعرف أنه قبر، أما البناء فلا يبنى عليه لا مسجد ولا غيره ولا قبة ولا غيرها، ولا يجوز أن يدعى صاحب القبر ويقال: يا سيدي أو يا فلان يا أبا عبدالله أو يا محمد أو يا فلان اغفر لي أو انصرني أو اشف مريضي أو أنا في جوارك، ولا يقال: يا رسول الله ولا يا أبا بكر ولا يا سيدي البدوي ولا سيدي الحسين ولا سيدي عبد القادر ولا غيرهم، لا يجوز هذا كله؛ بل هو من الشرك الأكبر، دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر، فلا يدعى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره من الصحابة ولا غيرهم، ولا من العلماء، بل هذا من الشرك الأكبر عند جميع أهل العلم من أهل السنة والجماعة. وقد كانت الجاهلية يعظمون القبور ويدعونها من دون الله ويستغيثون بأهلها فنهى الله عن ذلك، وحرم ذلك على المسلمين، قال عز وجل: ..فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، وقال سبحانه: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) سورة المؤمنون، وقال -عز وجل-: ..ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ* إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ.. (13-14) سورة فاطر، فسماه شركاً سبحانه وتعالى. فدعاء الأموات وسؤالهم الشفاعة أو النصر على الأعداء أو شفاء المرضى أو النذر لهم أو الذبح لهم كل هذا من الشرك الأكبر، ومن عبادة غير الله، والله -سبحانه- يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ.. (23) سورة الإسراء، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ.. (5) سورة البينة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الدعاء هو العبادة)، ودعاء الميت عبادة وشرك بالله سبحانه وتعالى، نسأل الله السلامة والعافية. ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يصلح ولاة أمرهم حتى يزلوا ما وقع من الشرك وذرائعه ووسائله.