حكم بيع الهرة

السؤال: سائل يسأل عن حكم بيع الهرة، وذكر أنه رأى هرتين عند جيرانه، فطلب منهم إحداهما، فأبوا عليه إلا بدفع ثمن، فهل يجوز دفع ثمن في الهر، وهل يحل لصاحبه أخذه؟

الإجابة

الإجابة: المشهور من المذهب جواز بيع الهرة، وهو الذي نص عليه في (المنتهى)، و(الإقناع) وغيرهما؛ واستدلوا بما في (الصحيح): "أن امرأة دخلت النار في هرة لها حبستها" (1)، والأصل في: "اللام" المِلْك، ولأنه حيوان يباح نفعه واقتناؤه مطلقا أشبه البغل والحمار.

قال في (الإقناع)، و(شرحه): وعنه لا يجوز بيعه. اختاره في (الهدي)، و(الفائق)، وصححه في (القواعد الفقهية)؛ لحديث مسلم عن جابر: أنه سئل عن ثمن السِّنَّوْرِ فقال: زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك (2)، وفي لفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن السنور (3)، رواه أبو داود، ويمكن حمله على غير المملوك منها، وما لا نفع فيه منها.أ.ه (4).

وقال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم) (5): فأما بيع الهرة فقد اختلف العلماء في كراهته، فمنهم من كرهه، وروي ذلك عن أبي هريرة، وجابر، وعطاء وطاوس، ومجاهد، وجابر بن زيد، والأوزاعي، وأحمد في رواية عنه. وقال: هو أهون من جلود السباع، وهذا اختيار أبي بكر من أصحابنا. ورخص في بيع الهر ابن عباس، وعطاء في رواية، والحسن، وابن سيرين، والحكم، وهناد، وهو قول الثوري، وأبي حنيفة رحمه الله تعالى، ومالك، والشافعي، وأحمد في المشهور عنه، وعن إسحاق روايتان، وعن الحسن: أنه كره بيعها، ورخص في شرائها للانتفاع بها، وهؤلاء منهم من لم يصحِّح النهي عن بيعها. قال أحمد: ما أعلم فيه شيئا يثبت أو يصحُّ، وقال أيضا: الأحاديث فيه مضطربة. ومنهم من حمل النهي على ما لا يقع فيه نفع كالبري ونحوه. ومنهم من قال: إنما نُهي عن بيعها؛ لأنه دناءة وقلة مروءة؛ لأنها متيسرة الوجود والحاجة إليها داعية؛ فهي من مرافق الناس التي لا ضرر عليهم في بذل فضلها، فالشح بذلك من أقبح الأخلاق الذميمة؛ فلذلك زجر عن أخذ ثمنها. انتهى.

___________________________________________

1 - البخاري (2365، 3318، 3482)، ومسلم (2619) و(2756).
2 - مسلم (1569).
3 - أبو داود (3479)، والترمذي (1279) وفيه: (ثمن الكلب والسنور)، وقال الترمذي: هذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح في ثمن السنور.أ.ه.
4 - (كشاف القناع) (3/ 1401).
5 - (جامع العلوم والحكم) (2/ 453).