ما حكم صلاة الفرض خلف من يصلي نافلة؟

السؤال: ما حكم صلاة الفرض خلف من يصلي نافلة؟

الإجابة

الإجابة: يجوز أن يصلي الإنسان فرضاً خلف من يصلي نافلة، ويدل لذلك حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فتكون له نافلةً وتكون لهم فريضة، وهذا وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

فإن قال قائل: لعلَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم به.

فالجواب على ذلك من وجهين:

الأول: أن نقول يبعد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم به، لاسيما وأنه قد شُكي إليه في الإطالة حين صلى بهم ذات ليلة فأطال، ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم ووعظه والقصة معروفه، فيبعد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بحال معاذ رضي الله عنه.

الوجه الثاني: إنه على فرض أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بصنيع معاذ هذا، فإن الله سبحانه وتعالى قد علم به ولم ينزل وحي من الله تعالى بإنكار هذا العمل، ولهذا نقول: كل ما يجرى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حجة بإقرار الله له، والله سبحانه وتعالى لا يقر أحداً على باطل، وإن خفي على النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل قوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً}، فلما كان هؤلاء القوم يبيَِّتون ما لا يرضي الله عز وجل، والناس لا يعلمون به، بيَّنه الله عز وجل ولم يقرهم عليه، فدل هذا على أن ما وقع في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فهو حجة، وإن لم نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم علم به فهو حجة بإقرار الله له.

ولهذا استدل جابر رضي الله عنه على جواز العزل بإقرار الله له حيث قال رضي الله عنه: "كنا نعزل والقرآن ينزل"، فالمهم أن فعل هذا حجة بكل تقدير، وهو يصلي نافلة وأصحابه يصلون وراءه فريضة، إذن فإذا صلى شخص وراء رجل يصلي نافلة وهو يصلي فريضة فلا حرج في ذلك، ولهذا نصَّ الإمام احمد رحمه الله على أن الرجل إذا دخل المسجد في رمضان وهم يصلون التراويح فإنه يصلي خلف الإمام بنية العشاء، فإذا سلم الإمام من الصلاة التي هي التراويح أتي بما عليه من صلات العشاء وهذا فرض خلف نافلة.



مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثاني عشر - باب النية.