هل يجوز سلم النقد المحلي بالدولار مثلاً أم لا؟

السؤال: هل يجوز سلم النقد المحلي بالدولار مثلاً أم لا؟

الإجابة

الإجابة: لا يجوز ذلك لأن النقود كلها كما سبق ليست من السلع، وإنما هي عين أي أثمان، ولذلك لا يحل سلم بعضها في بعض، بل لا يجوز صرفها إلا يداً بيد، وإنما يجوز فقط التبادل فيها عن طريق السفتجة أو عن طريق القرض، هذا التبادل بالنسيئة إنما يتم عن طريق السفتجة أو عن طريق القرض.

فالسفتجة عقد هو في الأصل من عقود الائتمان أي من عقود الودائع وليس من عقود الصرف، فأنت ستسافر لشراء البضاعة من هونج كونج أو من بانكوك وليس لك نقود هناك ولا تستطيع حملها معك، فتأتي التاجر الذي له نقود في حسابه في المحل الذي أنت مسافر إليه، فتدفع إليه نقودك المحلية وتقول خذ عشرين مليوناً من الأوقية وأريد أن تنقلها لي إلى بانكوك أو إلى هونج كونج ويكتب لك إلى وكيله أو يعطيك شيكاً مصدقاً لسحبه بمقابل ذلك، وهو لا يربح في الصرف وإنما يربح في عملية التحويل، وهنا لا بد أن نميز بين الأمرين، فالخدمة التي يقدمها بنقل المال من هنا إلى بانكوك خدمة معقولة مقبولة شرعاً ويستحق في مقابلها أجرة، كما لو سلمت إليه صندوقاً وقلت: "انقل لي هذا الصندوق إلى بانكوك" أليس يستحق عليه أجرة؟ فكذلك النقود إذا سلمتها إليه هنا ونقلها لك إلى هناك لا شك أنه سيبدلها ويحولها من النقد المحلي الذي لا يصرف في الخارج إلى نقود تصرف في الخارج وتتفقان على تلك النقود، إذا كنت تريد اليورو فاليورو وإذا كنت تريد الين الياباني فالياباني، وإذا كنت تريد الجنيه الاسرليني ينقلها إلى باوند، وإذا كنت تريد الدولار الأمريكي ينقلها إلى دولار، لكن المهم أنه لا يربح في قضية الصرف، إنما يربح في قضية النقل، فهو يأخذ في مقابل النقل ولا يأخذ ربحاً مقابل الصرف، فهذا النوع يسمى عقد السفتجة، وهي كلمة في الأصل تركية وقد عربت فأصلها سفتجة باللغة التركية، ولكنها عربت نقلها الفقهاء إلى اللغة العربية، وقد أفتى بها عبد الله بن العباس رضي الله عنهما واتفق العلماء بعد ذلك عليها.

والمالكية يشترطون فيها إن عم الخوف، أي إن كان الإنسان يخاف على ماله، ومن المعلوم أن الخوف اليوم عم فلا يستطيع الإنسان أن يحمل وبالأخص إذا كان سيمر في اترانزيت بمطار أو مطارين لا يمكن أن يحمل معه نقوداً كبيرة، فهذا من تعريض نفسه للخطر وليس فقط من تعريض ماله للخطر، وبالأخص إذا كان يعلم أن ذلك ممنوع في قوانين كثير من البلدان، والطائرات تمنع نقل مثل هذه المواد فيها، لأنها يحتاج فيها إلى تأمين خاص، إذا كنت ستنقل مواد ثمينة كحلي أو ذهب أو نحو ذلك لا بد فيه من تأمين خاص عند شركة التأمين، ولذلك لو نقلته وأنت تكتمه وهو في الشنطة التي تحملها مثلاً فهذا أيضاً يعرضك لمشكلة مع الناقل لأنه ممنوع في عرف النقل أن يحمل مثل هذا النوع من المواد إلا بإعلام الناقل به، ويكون مؤمناً عليه، فلذلك لا بد من عقد السفتجة في مثل هذا الحال.

والصورة الثانية المباحة هي القرض، وهي إذا كنت أنت تعمل في الخارج مثلاً وتنتج ويحتاج أهلك إلى نفقة هنا في البلد، فتسلم نقودك إلى التاجر في الخارج وقل له حول لي هذه النقود إلى أهلي بمعنى أنك تقرضه هذه النقود وهو يعوضها لأهلك بالعملة المحلية، فهذا النوع ليس من عقد الصرف وإنما هو من عقد القرض، فإذا كان البادئ بالدفع صاحب العملة الصعبة فهذا من حسن الاقتضاء، وإذا كان البادئ بالدفع صاحب العملة السهلة فهذا من حسن القضاء، وكلاهما مطلوبان في القرض، فالقرض يطلب فيه حسن القضاء وحسن الاقتضاء، فحسن القضاء أن تدفع أحسن مما أخذت، وحسن الاقتضاء أن تتغاضى فتأخذ أدنى مما أخذت من ناحية القيمة والنوع، وقد صح في حديث أبي رافع رضي الله عنه في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بقضاء ثني كان أخذه قرضاً فقال: لا أجد إلا رباعاً خياراً، فقال: "أعطه، فإن خيركم خيركُم قضاء"، فالنبي صلى الله عليه وسلم قضى ثنياً برباع، وهذا يدل على جواز مثل هذا النوع من المعاملات.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.