الحلف بالأشدية والحرام

السؤال: رجل حلف يميناً شائعاً في المجتمع وهو الحرام والأشدية وجامع الأيمان على شيء، ويداخله الشك هل هو حلف فعلاً على هذا الأمر ثم أقدم عليه، فماذا عليه؟

الإجابة

الإجابة: الشك في المانع لا أثر له، فهذه الأيمان لا يحل الإقدام عليها، والحلف بها حرام وفسق، ومن اشتهر بفعلها فهو مسقوط الشهادة في المسلمين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحلفوا بالعتاق ولا بالطلاق فإنهما من أيمان الفُسَّاق"، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كان حالفاً فليحلف بالله أو فليصمت".

فلذلك لابد أن يحلف الحالف بالله تعالى، ولا يجوز له الحلف بشيء من هذه الأيمان، وإذا أقدم على شيء منها تجب عليه التوبة والمبادرة للتكفير قبل أن يحنث، فإذا كفَّر قبل الحنث لم يلزمه شيء من لوازمها لأن اليمين جميعاً تحل بكفارة اليمين بالله، وقد قال الله تبارك وتعالى: {فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم}.

فإذا كفَّر الإنسان عن يمينه قبل الحنث، فإن اليمين انحلت ولا يلزمه شيء إذا حنث بعد.

أما إذا وقع في الحنث قبل التكفير فإنه يلزمه ما حلف به، فإن كان حلف بالحرام فإن زوجته تحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره لأن ذلك هو الطلاق البات ثلاثاً، لا يحل له مراجعتها إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره، ويفارقها ذلك الزوج وتنتهي عدتها ثم بعد ذلك يتزوجها هو إن شاء ورضيت هي.

وكذلك اليمين بالأشدية: وهي أشد ما أخَذَ أحدٌ على أحدٍ، يلزم كذلك بها الطلاق ثلاثاً، ويلزم بها كفارة يمين بالله تعالى، ويلزم بها كذلك ما عهد نذره من صيام شهر أو سنة أو نحو ذلك.

وكذلك من أقسم بجامع الأيمان فإذا حنث فإنه يلزمه كل ما يحلف به الناس في بلاده مما هو معروف في العرف، فإن كان الناس يحلفون بالحرام فإنه تحرم عليه زوجته، وإن كانوا يحلفون بصيام سنة فإنه يلزمه صيام سنة، ويلزمه كذلك الحج إن كان الناس يحلفون به وهكذا في كل ما يحلف الناس به عادة.

وعلى الإنسان إذا بدر منه شيء من هذه الأيمان أن يبادر للتكفير قبل الحنث، وأن يتوب إلى الله، وأن لا يعود لمثل ذلك أبداً فهو من الفسق.

وأما مجرد الشك هل حنث أم لا فهو غير مؤثر، لأن الشك في المانع لا أثر له، وهذه قاعدة فقهية مُسلَّمة: "الشك في المانع لا أثر له، بخلاف الشك في السبب، والشك في الشرط".

فالشك في السبب مؤثر إجماعاً، فمن شك في دخول الوقت لم تجزئه الصلاة ولو وقعت فيه، والشك في الشرط محل خلاف بين أهل العلم، فعند المالكية أن الشك في الطهارة ناقض للوضوء، ومذهب جمهور أهل العلم وهم المذاهب الثلاثة الحنفية والشافعية والحنابلة أن الشك في الشرط غير مؤثر، وعليه فإن الشك في الطهارة لا ينقض الوضوء.

وأما الشك في المانع فهو غير مؤثر لدى الجميع، فإذا شك الإنسان هل حنث أم لا فهذا شك في مانع فلا أثر له فيبقى على الأصل وهو عدم الحنث.

وبعض الفقهاء يفرق بين اليمين المنعقدة على الحنث واليمين المنعقدة على البر، وهذا التفريق وجيه في بعض الأيمان، فاليمين المنعقدة على الحنث هي أن يحلف الإنسان أن يفعل كذا فهو حانث حتى يفعل ذلك الفعل.

وأما اليمين المنعقدة على البر فهي أن يحلف أن لا يفعل كذا فهو حالاً بارٌ حتى يفعله، فاليمين التي فيها إثبات يمين حنث واليمين التي فيها نفي يمين بر هذه قاعدة في كل أمر مستقبلي يفعله الإنسان.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.