حكم الصدقة بأموال الربا

نحن من العمال من إحدى الدول الإسلامية، نعمل بالمدينة المنورة، ونسأل عن حكم الانتفاع بأموال الربا من البنوك: أولاً: هل يجوز لنا أخذ الربا من تلك البنوك ونتصدق به على الفقراء، وبناء دور الخير بدل تركه لهم؟ ثانياً: إذا كان هذا غير جائز، فهل يجوز وضع النقود في تلك البنوك؛ لعلة ضرورة حفظه من السرقة والضياع بدون استلام الربا، مع العلم بأن البنك يشغله ما دام فيه؟ وسدد الله خطاكم، ونفع بكم وتولاكم لما يحبه ويرضاه[1].

الإجابة

إذا دعت الضرورة إلى الحفظ عن طريق البنوك الربوية، فلا حرج في ذلك - إن شاء الله -؛ لقوله سبحانه: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ[2].

ولاشك أن التحويل عن طريقها من الضرورات العامة في هذا العصر، وهكذا الإيداع فيها للضرورة، بدون اشتراط الفائدة، فإن دفعت إليه الفائدة من دون شرط ولا اتفاق، فلا بأس بأخذه لصرفها في المشاريع الخيرية - كمساعدة الفقراء والغرماء ونحو ذلك - لا ليمتلكها، أو ينتفع بها، بل هي في حكم المال الذي يضر تركه للكفار بالمسلمين، مع كونه من مكسب غير جائز ؛ فصرفه فيما ينفع المسلمين أولى من تركه للكفار؛ يستعينون به على ما حرم الله.

فإن أمكن التحويل عن طريق البنوك الإسلامية أو من طرق مباحة، لم يجز التحويل عن طريق البنوك الربوية، وهكذا الإيداع، إذا تيسر في بنوك إسلامية أو متاجر إسلامية، لم يجز الإيداع في البنوك الربوية؛ لزوال الضرورة، ولا يجوز للمسلم أن يعامل الكفار ولا غيرهم معاملة ربوية، ولو أراد عدم تملك الفائدة، بل أراد صرفها في مشاريع خيرية؛ لأن التعامل بالربا محرم بالنص والإجماع، فلا يجوز فعله ولو قصد عدم الانتفاع بالفائدة لنفسه. والله ولي التوفيق.

[1] سؤال موجه لسماحته من عمال بالمدينة المنورة، ونشر في كتاب (فتاوى إسلامية)، من جمع الشيخ / محمد المسند، ج2، ص: 58، وفي (كتاب الدعوة)، ج1، ص: 18.

[2] سورة الأنعام، الآية 119.