كفارة اليمين ليست على التخيير

إنه في ساعة غضب أقسم على المصحف الشريف ألا يسكن في هذا المنزل أو الحوش، وعندما زال الغضب وجد أنه مخطئ، إذ لا غنى له عن هذا المنزل، فسأل بعض الناس فأخبره بأنه عليه أن يصوم ثلاثة أيام، فصام ثلاثة أيام وعاد إلى المنزل، فهل هذا صحيح أم لا؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإذا حلف الإنسان على أنه لا يسكن في هذا المكان أو لا يكلم فلاناً أو لا يأكل كذا أو ما أشبه ذلك، سواءٌ على المصحف أو على غير المصحف، ثم أحب أن يفعل ذلك أو فعله لأسباب دعته إلى ذلك فإنه يكفر كفارة يمين ولا شيء عليه، إذا كان المفعول مباحاً شرعاً، مثل سكنى المنزل، أو أكل طعام فلانٍ مباح، أو تكليم فلان الذي لا بأس بكلامه، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير)، والله بين كفارة اليمين في كتابه العظيم فقال سبحانه وتعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ[المائدة: 89] الآية من سورة المائدة، هذه كفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، يعني عتق رقبة، فإن عجز ولم يستطع صام ثلاثة أيام، السائل صام ثلاثة أيام ولا ندري هل هو عاجزاً أو لا؟ فإذا كان عاجزاً لا يستطيع إطعام عشرة مساكين ولا يستطيع كسوتهم ولا عتق رقبة أجزأه الصيام، وإلا فعليه أن يطعم عشرة مساكين ولا يجزئه الصيام، إذا كان يستطيع يعطي كل واحد نصف صاع من تمر أو أرز أو بر، يعني بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومقداره مقدار كيلوا ونصف تقريباً، فإذا كان يستطيع فعل ذلك فالصيام لا يجزئه، أو يكسوهم كسوة يعطي كل واحد قميصاً أو إزاراً ورداءً، يعني كسوة تجزئ في الصلاة. المذيع/ جزاكم الله خيراً، إذاً كفارة اليمين ليست على التخير؟ في الثلاثة مخير، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، أحد هذه الثلاث، فإن عجز عنها كلها انتقل إلى الصيام، ثم الحلف على المصحف ليس له أصل، ولا حاجة إلى الحلف في المصحف، إذا قال: والله لا أفعل كذا كفى، ولا حاجة إلى أن يأتي بمصحف ولا دليل شرعي على ذلك، فالأولى عدم الحاجة إلى الحلف على المصحف، ولو أكد يمينه يقول والله ما أفعل كذا والله ما أفعل كذا ويكفي، والله لا أزور فلان، والله لا أكلم فلان، المقصود ليس هناك حاجة إلى إحضار المصحف، وإنما هذا شيء يفعله الناس من باب التشديد على أمر من دون وجود دليل. جزاكم الله خيراً.