الأفضل للإنسان المصاب بمرض أن يتداوى

حقيقة التوكل على الله منها الأخذ بالأسباب، ولكن سمعت بعض المشايخ يقول: لو أن الإنسان أُصيب بمرض ولم يستعمل الدواء لكان أجره أعظم من الذي استعمل الدواء ولا يصبر على الأذى؟

الإجابة

؟ الصواب أن العلاج أفضل، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، قد عالج النبي صلى الله عليه وسلم وعالج الصحابة، وهم أفضل الناس، فالمريض إذا ترك الدواء فلا حرج عليه ولكن إذا عالج فهو أفضل، وأخذ الدواء النافع المباح فهو أفضل، ومن الدواء القراءة على المريض، هذا من الدواء، ومنه الكي لمن يناسبه الكي، والحجامة لمن تناسبه الحجامة، وشرب العسل لمن يناسبه العسل، والفصد لمن يناسبه الفصد، إلى غير ذلك، فتعاطي الأسباب أمر مشروع، للحديث: (عباد الله تداووا)، ولما قالوا يا رسول الله إن رقى نسترقي بها ودواء نتداوى به، فهل يرد من قدر الله شيئاً؟ قال: (هو من قدر الله)، فتعاطي الأسباب من قدر الله، ولما رجع عمر من الشام لما وقع بها الطاعون، وأشار عليه بعض المسلمين بالرجوع، وعزم على ذلك، فقيل له في ذلك، أتفر من قدر الله؟، قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله، نفر من قدر الله يعني الذي فيه خطر، إلى قدر الله الذي فيه السلامة، ثم جاءه عبد الرحمن بن عوف فحدثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا سمعتم الطاعون في البلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه) فحمد الله أن الله وفقه لموافقة الحديث وانصرف إلى المدينة، فالحاصل أن التداوي وتعاطي الأسباب أمرٌ مشروع، ومطلوب، وهو أفضل من ترك ذلك، وقد يكون بعض الأسباب واجباً كأن يأكل لئلا يموت ويشرب، هذا سببٌ واجب، وتوقي ما يضره كأن لا يلقي نفسه في بئر أو يلقيها من الجبل أو ما أشبه ذلك كل هذا أمرٌ لازمٌ له، فتعاطي الأسباب التي يحتاج إليها أمرٌ مطلوب مشروع، وتوقي أسباب الهلاكة أمرٌ واجب متحتم، والله فطر العباد على هذا الشيء، وجاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو لا ينافي التوكل، التوكل الثقة بالله والاعتماد عليه والتوفيظ إليه، والإيمان بأنه هو مسبب الأسباب، وأن كل شيء بقضاءه وقدره، ومن ذلك فعل الأسباب، فالمتوكل يعتمد على الله ويثق به ويعلم أن كل شيء بقضاء الله وقدره، ومع ذلك يأخذ بالأسباب، فيأكل لئلا يجوع، ويشرب لئلا يظمأ لئلا يهلك، يستدفي بالشتاء عن البرد، إلى غيرها من الأسباب التي شرعها الله لعباده.