نكاح الزانية

السؤال: هل يمكن زواج المرأة التي سبق لها أن زنت؟

الإجابة

الإجابة: بالنسبة لاختيار الزوجة قد سبق أنها لابد أن تختار الطيِّبة، لأن الإنسان إنما يرضى لنفسه أن يكون طيباً، وقد قال الله تعالى: {والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}.

فلا يرضى الإنسان أن يكون خبيثاً، لأن من رضي لنفسه بمخالطة الخبيث كان خبيثاً: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات}.

وقد اختلف أهل العلم في تفسير قول الله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}، هل هذا من الخطاب التشريعي أو من الخطاب القدري؟

فقالت طائفة من المفسرين: هذا من الخطاب القدري، وعليه فقد أراد الله بحكمته البالغة أن لا يخالط الزانية وأن لا يرضى بزواجها إلا من كان في وصفها، فيكون هذا أمراً قدرياً لا علاقة له بالتشريع، وهذا الذي رجحه الماوردي وغيره.

وقالت طائفة أخرى: بل هو خطاب تشريعي، وعلى هذا فلا يجوز للمحصن أن يتزوج الزانية لأنها ليست كفؤا له، والكفاءة معتبرة في الشرع في الدين، فإذا تابت وحسن إسلامها ولم يعد يتصور منها الزنا فإنها يجوز أن تتزوج حينئذ بمسلم عفيف، لأنها أصبحت كفؤا له، وهذا القول هو الذي اختاره الشيخ محمد الأمين آب في أضواء البيان رحمه الله، ويرجحه أن الله تعالى يقول: {وحُرِّم ذلك على المؤمنين}

فلفظ التحريم في الغالب ينصرف إلى الخطاب التكليفي لا إلى الخطاب القدري في أغلب الأحيان، ومع ذلك فإن التحريم قد يرد في القرآن للخطاب القدري كقوله تعالى: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون}، فالحرام هنا لا يُقصد به الخطاب التكليفي وإنما يقصد به الخطاب الوضعي.

وعلى هذا فما دامت المرأة يتصور منها الزنا فهي غير محصنة ولا يحل نكاحها.

أما إذا تابت وأقلعت فهي محل الخلاف، والراجح الذي اختاره الشيخ آب رحمة الله عليه أنها إذا تابت وحسن حالها يجوز الزواج بها، وقد ورد في هذا حديث عن أبي أيمن ابن أم أيمن أنه كان زنا بامرأة في الجاهلية، فلما كان يوم الفتح استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بها فلم يأذن له في ذلك.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.