حكم البيعة على الالتزام بالكتاب والسنة

أنا شاب من الهند جئت إلى المملكة العربية السعودية، الرياض لمنحة دراسية للدراسة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بكلية أصول الدين قسم العقيدة، والحمد لله تخرجت منها العام الماضي، وبفهمي لما درسته عرفت ما عليه بلادنا في الهند من المسلمين من الشرك، وال

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا نعلم أصلاً لهذه البيعة إلا ما يحصل لولاة الأمور فإن الله سبحانه شرع أن يبايع ولي الأمر على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر...لأثرة على المبايع كما بياع الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم- نبينا محمد عليه الصلاة والسلام- فالبيعة تكون ولولاة الأمور على مقتضى كتاب الله وعلى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم – وأن يقولوا بالحق أينما كانوا وأن لا ينازعوا الأمر أهله إلا أن يروا كفرا بواحاً عندهم من الله فيه برهان، أما بيعة الصوفية بعضهم لبعض فلا أعلم لها أصلاً وهذا قد يسبب مشاكل فإن البيعة قد يظن المبايع أن يلزم المبايع طاعته في كل شيء حتى ولو قال بالخروج على ولاة الأمور وهذا شيء منكر لا يجوز، فالواجب على الداعي إلى الله- عز وجل- والمبلغ عن الله أن يبين للناس الحق ويحثهم على التزامهم ويحذرهم من مخالفة أمر الله ورسوله وليس بحاجة إلى أن يبايعوه على ذلك فإن البيعة على هذا الأمر قد يظن بها ويعتقد فيها أنها لازمة لهذا الشخص بالنسبة إلى الشخص المبايَع وأنه لا يخالفه فيما يقول له وأنه يسمع له ويطيع كما يكون لولاة الأمور، وهذا يسبب الفرقة والاختلاف بين المسلمين والنزاع والفساد، ولكن يأمره بطاعة الله ويوصيه بطاعة الله ويحثه على الالتزام بأمر الله ويحذره من محارم الله هكذا الداعية إلى الله- عزوجل- وهذا الذي أعلمه من الشرع المطهر ولا أعلم في الشرع المطهر بيعة لغير ولاة الأمور على السمع والطاعة، وعلى اتباع الكتاب والسنة وفي إمكان الداعية إلى الله أين ما كان أن يبصر الناس ويرشدهم إلى توحيد الله وطاعته ويحذرهم من البدع، ويتلو عليهم النصوص من الآيات الكريمات والأحاديث النبوية التي فيها بيان الحق والدعوة إليه وفيها تنبيه على أنواع الباطل والتحذير منه وهذا هو الذي أراه لازماً ومتعيناً في حق الدعاة إلى الله عز وجل حتى لا يتأسوا بالصوفية فيما يفعلون وحتى لا يفتحوا للناس باب شر لكل أحد كل من أراد أن يبايع أحداً قال بياعني كما بايع فلان وكما بايع فلان والله المستعان. أعلم أن هناك إحدى الجماعات أحسبها ولا أزكي على الله أحد، أحسبها تهتم بأمر الدعوة إلى الله لكن من ضمن ما تعمله هذا الذي يسمى المبايعة هل من توجيه يا سماحة الشيخ؟ نعم، نعم، الذي أوصي به إخواني جميعاً ترك هذه الطريقة وهي المبايعة، وأن يكتفي الداعية إلى الله جل وعلا بالدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى الخير والنصيحة، والحث على اتباع الحق ولزومه وترك ما خالفه أين ما كان، وليس المقصود بيعة فلان أو فلان المقصود اتباع الرسول فيما جاء به والالتزام بذلك، فالله ألزم الناس بطاعة الله ورسوله وترك ما نهى الله ورسوله وإن لم يكن هناك بيعة، فإن المؤمن يلزمه طاعة الله ورسوله في كل شيء وترك ما نهى الله عنه ورسوله في كل شيء؛ سواء كان من الصحابة أو من غير الصحابة لكن البيعة من باب التأكيد، من باب اتباع الحق الذي بعث الله نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم – وهكذا ولاة الأمر بعده كالصديق وعمر وعثمان وعلي وغيرهم يلزموا الرعية أن يطيعوهم بالمعروف وإن لم يكن بيعة لكن البيعة من باب التأكيد ومن باب الالتزام بالحق لهذا الذي ولاه الله أمر المسلمين حتى يكون ذلك حافزاً للمبايع على السمع والطاعة بالمعروف وعلى الالتزام بالحق، أما غير خليفة المسلمين وولي أمر المسلمين فليس هناك حاجة إلى هذه البيعة، المقصود إنما هو تنبيهه على الخير ودعوته إليه وتحذيره من الشر فقط، فليس المقصود أن يبايع على هذا الشيء أنه يلتزم برأي فلان أو قول فلان، إنما اللازم أن يلتزم بالحق ويستقيم على الحق الذي دعاه إليه فلان أو بلغه من كتاب الله أو من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – هذا هو الواجب، والمعول على الكتاب والسنة لا على رأي فلان أو فلان وإنما العلماء يبينون ويرشدون وينقلون للناس الآيات والأحاديث ويبصرونهم بمعناها وليس المقصود تحكيم رأي فلان أو فلان. كون جماعة من الناس أو قطر معين اعتاد على هذا البيعة وإن كانت لغير ولاة الأمور، هل يبح لنا سماحة الشيخ أن نرضيهم بهذا المسلك؟ لا، ما يظهر لي هذا الذي أعلمه من الشرع أنه لا بيعة إلا لولاة الأمور أو نوابهم إذا استنابوا أحداً أن يأخذ البيعة له، فأميرهم في الأقطار نائب عنهم في أخذ البيعة سواء كان عالماً أو أميراً أو قاضياً، المقصود إذا استنابه ولي الأمر أن يأخذ البيعة من أهل البلد الفلانية أو القبيلة الفلانية أخذ البيعة لولي الأمر بالنيابة.