نصرانية تقول أنه لم يُرسَل نبيٌ بعد عيسى عليه السلام

السؤال: جاءت جارة لنا نصرانية وتحدثت إلى أمي أنه لم يُرسَل نبيٌ بعد عيسى عليه السلام، وذكرت لها أن عيسى هو ابن الله -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- ولقد ردّت أمي عليها وذكرت أن قصة بحيرى الراهب كانت والرسول صلى الله عليه وسلم صغيراً، ولا يمكن أن يكون هو الذي لقنه هذا الكتاب، وذلك ردّاً على تلك الشبهة، وعندما علمت بذلك قلت: إن هذه المرأة تهجمت على الله سبحانه وتعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم فلابد وأن تعاقب على ذلك، وحيث إننا نوجد في بلد غير إسلامية فلم أستطع إلا طردها من البيت، وذلك بعد مناقشتها فكلمتها عن اضطراب الأناجيل، ثم عن اضطرابها في عقيدتها في عيسى عليه السلام هل هو الله أم ابنه؟ فقالت في النهاية إنها جاهلة، ثم ذكرت شبهاتهم كالاحتجاج بأن الشيعة تقدح في القرآن وبعض الآيات المتشابهة التي ذكرت عن عيسى أنه "كلمة منه وروح" وغير ذلك مما رد عليه الأئمة، فلما وجدتها قالت هذا كله طردتها من الشقة، وقلت لها: إن الذي يسب الله، ويسب رسوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل شقة المسلمين, ثم بعد ذلك بيومين جاءت إلى أمي واعتذرت لها، وعندما علمت بذلك قلت لأمي: "إن هذا الجرم لا يقبل فيه عذر؛ لأنها كانت في حق الله تعالى، وأنا لا أملك قبول عذر أحد في حق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم"، وقلت لها: "لو رأيتها لطردتها ثانية"، ثم بعد ذلك دخلت فوجدتها في الشقة وقد أحضرت ما يسمونه بـ: "هدية عيد الأم"، فقلت لها: "اخرجي بره" ولولا دفاع أمي عنها لكنت أخرجتها بالقوة، ولكن وقفة أمي جعلني أخشى أن ترى هذه الكافرة معركة بين المسلمين، ثم بعد ذلك قام زوجها بالتكلم مع أخي الكبير على سماحة الإسلام وحق الجيران... وما إلى ذلك من الأمور، وطلب منه أن أقوم بالاعتذار لها على ما بدر مني، والحق أن أخي أثار قضية حقوق الجيران، وأن القوة أصبحت لهم... وما إلى ذلك من الشبهات، فأرجو توضيح هذه الأمور: أولاً: هل ما قمت به من التصرف خطأ أم لا؟ ثانياً: ما حق هؤلاء كجيران والحال هكذا؟ ثالثاً: ما حدود سماحة الإسلام في حق الأشخاص ومن تعدى على حق شخص لي وفي من تعدى على حق الله؟ رابعاً: ما هي حقوق النصارى وما وضعهم بالضبط -أهل عهد - أهل حرب- أم ماذا؟ خامساً: ما هي حقوق الجيران النصارى بالتفصيل؟ سادساً: كيف أتصرف بعد ذلك معهم وإذا طلبت هذه المرأة ودّ أمي ببعض الهدايا أو غير ذلك فماذا أفعل؟

الإجابة

الإجابة: أولاً: إذا كان الواقع كما ذكرت من حال هذه النصرانية فالواجب عليكم: منعها من الاتصال بكم، ومن زيارتها إياكم، واعتزالكم إياها؛ بعداً عن الفتن وسداً لباب الشر والفساد، فإن في كلامها طعناً في الإسلام ودعوة إلى الباطل وليس اتصالها بريئاً ولا زيارتها نزيهة، ففي تجنبها وعزلتها السلامة، ولا يغرنكم ما بدا لهم من نشاط وما ظهر لهم من قوة فإنه سبحانه ناصر أوليائه وستزول قوتهم بحول الله، وإن المؤمن لا يخاف في الله لومة لائم.

ثانياً: قد أحسنت في نقاش هذه النصرانية، وفي حديثك معها في اضطراب الأناجيل، وفي فساد عقيدتها وتضاربها، وفي طردها من البيت؛ اتقاء لشرها، وإن كانت جارة لكم فإن الجار إنما يتأدب معه وتراعى حرمته وحقوقه إذا لم ينتهك حرمات الله ولم يتجاوز حده ولم يكن مصدر فتنة وتلبيس وقوبل بما يردعه ويكف شره وأذاه، قال الله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة:8، 9]، وقال: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت:46]، فمن أحسن منهم فله الإحسان، ومن اعتدى وظلم قوبل بما يدفع عدوانه وظلمه ويطفئ فتنته، والفتنة في الدين أشد من القتل، ثبتنا الله وإياكم على الحق، ودفع عنا وعنكم الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.



مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد السابع عشر (العقيدة).