قراءة خطبة الحاجة عند النكاح

السؤال: ذكرتم خطبة الحاجة، ونحن نسمع أن الذين يعقدون النكاح للناس يبدأون بها النكاح، فهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها تقرأ عند عقد النكاح؟ وما السر في هذا؟

الإجابة

الإجابة: لا شك أن من أعظم الحوائج حاجة النكاح، فإن حاجة الإنسان إلى النكاح قد تكون مثل حاجته إلى الطعام والشراب، ولهذا يجب على الإنسان إذا كان له أولاد يحتاجون للنكاح وهو غني أن يزوجهم، كما يجب أن ينفق بالطعام والشراب واللباس والمسكن، فإن لم يفعل وقدروا على أخذ شيء من ماله ولو خفية، ليتزوجوا به فلهم ذلك، كما أذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهند بنت عتبة، حين شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها الذي لا يعطيها ما يكفيها وولدها، قال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".
فإذا كان النكاح من أعظم حوائج الإنسان، فإنه يسن أن تتقدم هذه الخطبة عند عقد النكاح، ولكن ليست شرطاً، فلو أن رجلاً أراد أن يزوج ابنته، وأتى بشاهدين، وقال للخاطب: زوجتك ابنتي فلانة، قال: قبلت، بدون خطبة. لكان جائزاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زوج الرجل الذي طلب منه أن يزوجه المرأة التي وهبت نفسها له صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بدون أن تتقدم الخطبة.
وفي هذه القصة أن امرأة جاءت للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: يا رسول الله وهبت نفسي لك، فصعّد فيها النظر وصوّبه، ولكنه لم يردها، إلا أنه لحسن خلقه لم يقل لا أريدك وإنما سكت، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، وهذا من كمال الأدب في الصحابة، فإن الرجل لم يقل: مباشرة زوجنيها ولكن قال: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها. قال: "ما تصدقها؟" لأن المرأة لا تحل إلا بصداق، لقوله تعالى: {وأحلّ لكم مّا وراء ذلكم أن تبتغوا بأموٰلكم مّحصنين غير مسٰفحين فما استمتعتم به منهنّ فئاتوهنّ أجورهنّ فريضةً ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنّ اللّه كان عليماً حكيماً}. قال: "ما تصدقها؟" قال: يا رسول الله أصدقها إزاري، وليس عنده إلا إزار. ما عنده رداء، قال: "إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار، وإن بقي عليك بقيت بدون صداق، التمس ولو خاتماً من حديد"، فذهب الرجل فالتمس، فلم يجد شيئاً، فقال له صلى الله عليه وسلم: "هل معك شيء من القرآن؟" قال: نعم معي سورة كذا وكذا، قال: "زوجتكها بما معك من القرآن" يعني فعلمها ما معك من القرآن فتزوجها الرجل.

إذاً فخطبة الحاجة المتقدمة تقرأ عند عقد النكاح على وجه الاستحباب، فلو لم تقرأ وقال أبو الزوجة: زوجتك ابنتي فقال الزوج: قبلت، صح العقد.



مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد السادس عشر - باب صلاة الجمعة.