ما هي حقيقة الكشف؟ ولمن يكون؟

السؤال: ما هي حقيقة الكشف؟ ولمن يكون؟

الإجابة

الإجابة: إن الكشف معناه أن يكشف الله تعالى لبعض عباده شيئاً من الغيوب النسبية، فالغيب قسمان:

غيب حقيقي، وهذا لا يكشف لأحد لأنه من علم الله الذي استأثر به، كما قال الله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام 59]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في خمس لا يعلمهن إلا الله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34]، فهذا الغيب الحقيقي لا اطلاع لأحد من المخلوقات عليه، وهو من خصائص الإله جل جلاله.

النوع الثاني: هو الغيب النسبي، وهو الذي يطلع عليه بعض العباد دون بعض، فالاطلاع عليه بالوسائل المعهودة غير خارق للعادة، كاطلاع الطبيب على حال الجنين في بطن أمه أنه حي يتنفس، أو أنه ذكر أو أنثى أو نحو ذلك بواسطة الأشعة فهذا اطلاع بأمور عادية، كما إذا ذبحت الشاة وسلخت فشق بطنها فإذا فيه جنين فقد كان قبل الكشف عليه غيباً نسبياً، وبعد الكشف عليه أصبح من عالم الشهادة، فهذا النوع من الغيوب النسبية، ومثل ذلك من كان وراء هذا الجدار الآن لا يُرى من دونه، لكن هذا الغيب غيب نسبي لأنه إذا دخل من الباب رآهم فانكشف له ما كان مغيباً عنه، ومثل ذلك ما يحصل عن طريق الأجهزة كالكلام بالهاتف مع إنسان بعيد، أو رؤيته عن طريق الأقمار الصناعة، أو بالهاتف المرئي فهذا من الغيب النسبي واكتشافه حينئذ بالوسائل المعتادة غير خارق للعادة.

أما انكشافه بالخارق للعادة من غير وسائل أصلاُ نراها، فهذا هو الكشف بمعنى خرق العادة، أن يرى الإنسان ما لا يراه غيره في الأمور العادية، مثلاً إذا نظر الإنسان بمكبر فرأى هلالاً أو نجماً بعيداً هذا غير خارق للعادة لأنه كشف له غيب نسبي بآلة ووسيلة، إذا رآه من غير آلة فهذا خارق للعادة فهو كشف لذلك الغيب النسبي.

وهذا الكشف قد يكون كرامة يكرم الله بها بعض أوليائه فيطلعهم على بعض الأمور التي تزيدهم إيماناً وخشيةً لله وزيادةَ توكل عليه ومحبةً له، وقد يكون فتنة كما يبتلي الله به بعض المخرفين، فيطلعهم على بعض الغيوب النسبية فيرون بذلك أنهم يتصرفون في الكون أو أنهم يؤثرون بما ليس لهم، فيدعون الدعاوى الباطلة الكاذبة فهذا فتنة عليهم.

ومثل ذلك يحصل للمؤمن والكافر، فهذا الكشف يحصل للمؤمنين ويحصل للكافرين ويحصل لمن لا يدعي الإسلام أصلاً، كثير من النصارى واليهود يحصل لهم هذا النوع من الكشوف، وأعظمه فتنة على أهل الأرض ما يحصل منه للمسيح الدجال، فالمسيح الدجال يحصل له من الكشوف الشيء العجيب جداً، فيري الإنسان والده وأمه وقد ماتا من فترة، ويسمعه كلامهما، ويمر على القرية الخربة فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ويأتي أهل القرية وهم مسنتون فيصدقونه، فيأمر السماء فتمطر ويأمر الأرض فتنبت، فتروح عليهم ماشيتهم أسمن ما كانت ضروعاً، ويمر على أهل قرية وهم في خصب فيكذبونه فيأمر السماء فتمسك ويأمر الأرض فتقلع فتروح عليهم ماشيتهم وهي في أشد اللأواء، فهذا من الكشوفات التي تحصل للمسيح الدجال.

وبهذا يُعلم أن الكشف ليس علامة من علامات الولاية لله، أنه يحصل للمؤمنين ويحصل للكافرين ويحصل لأعداء الله ويحصل لأولياء الله كلٌ بحسب ما يؤتيه الله منه، وما يحصل منه لأولياء الله هو ما يزيدهم إيماناً وتوكلاً على الله ومحبة له، فهذا هو الذي يكون كرامة، أما ما ليس كذلك كما يزيد الإنسان طغياناً وأن يدعي أنه يتصرف في الكون فهذا ليس كشفاً محموداً وليس كرامة.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.