الشياطين من الجن ، وهم متمردوهم وأشرارهم ، كما أن شياطين الإنس هم متمردوا الإنس وأشرارهم ، فالجن والإنس فيهم شياطين ، وهم متمردوهم وأشرارهم ، من الكفرة والفسقة ، وفيهم المسلمون من الأخيار الطيبين كما في الإنس أخيار طيبون ، قال الله – تعالى -: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ. والشيطان هو أبو الجن عند جمع من أهل العلم ، وهو الذي عصا ربه واستكبر عن السجود ، وقال آخرون من أهل العلم إن الشيطان من طائفة من الملائكة يقال لهم الجن استكبر عن السجود فطرده الله وأبعده، وصار قائداً لكل شر ، ولكل خبيث ، ولكل كافرٍ وضال ، وكل إنسان معه شيطان ومعه ملك كما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فالشيطان يملي عليه الشر ويدعوه إلى الشر ، وله لمة بقلبه ، وله اطلاع بتقدير الله على ما يقوم به العبد ، ويمليه العبد من الخير والشر ، والملك كذلك ، فهذه أشياء مكنهم الله منها ، مكن القرنين ، القرين من الجن والقرين من الإنس ، وهو شيطان قرين الجن ، القرين من الجن شيطان مع الإنسان ، حتى النبي - صلى - معه شيطان كما قال عليه الصلاة والسلام لما قال: (ما منكم من أحدٍ إلا ومعه قرينه من الجن والملائكة ، قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم). فالمقصود أن كل إنسان معه قرينه من الملائكة وقرينه من الشياطين، فالمؤمن بطاعة الله ورسوله والاستقامة على دين الله يقهر شيطانه ، ويذل شيطانه ، ويهين شيطانه ، حتى يكون ضعيفاً لا يستطيع أن يغالب ، ويمنع المؤمن من الخير ، والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه ، حتى يقوى على مساعدته على الباطل ، وعلى تشجيعه على الباطل ، وعلى تثبيطه على الباطل ، فعلى المؤمن أن يتقي الله ، وأن يحرص على جهاد شيطانه ، بطاعة الله ورسوله ، والتعوذ بالله من الشيطان ، وعلى أن يحرص في مساعدة ملكه على طاعة الله ورسوله ، والقيام بأمر الله - سبحانه وتعالى -، والمسلمون يعينون إخوانهم من الجن على طاعة الله ورسوله كالإنس ، وقد يعينون الإنس في بعض المسائل ، وقد يعينونهم وإن لم يعلم الإنس ، قد يعينونهم على طاعة الله ورسوله ، وقد يسمع الإنس منهم بعض الشيء ، وقد يوقظونه للصلاة ، وقد ينبهونه على أشياء تنفعه ، وعلى أشياء تضره ، كل هذا واقع ، وإن كانوا لا يتمثلون ، وقد يتمثل الجني لبعض الناس في دلالته على الخير ، أو في دلالته على الشر ، قد يقع هذا ، ولكنه قليل ، والغالب أنهم لا يظفرون للإنسان ، وإن سمع صوتهم في بعض الأحيان ، يوقظونه للصلاة ، أو يخبرونه بعض الأخبار . فالحاصل أنه الجن من المؤمنين لهم مساعدة للمؤمنين ، وإن لم يعلم المؤمنون ، ويحبون له كل خير ، وهكذا المؤمنون من الإنس يحبون لإخوانهم الجن المؤمنين يحبون له الخير ، ويسألون الله لهم التوفيق ، وهم يحضرون الدروس ، ويحبون سماع العلم ، المؤمنون من الجن يحضرون دروس الإنس في بعض الأحيان ، وفي بعض البلاد ، ويستفيدون من دروس الإنس ، كل هذا واقع ، ومعلوم ، وقد صرح به كثيرٌ من أهل العلم ممن اتصل به الجن ، وسألوه عن بعض المسائل العلمية ، وأخبروه أنهم يحضرون دروسه ، كل هذا خبرٌ معلوم ، والله المستعان. وفي كتب كثيرة ألفت في هذا الباب ، وابن القيم - رحمه الله - في كتبه قد ذكر كثيراً من هذا ، وفي كتاب لبعض العلماء ، وأظنه سماه المرجان في بيان أحكام الجان لشخص يقال له الشبلي له كتاب مفيد ، وهناك كتب أخرى صنفت في هذا الباب في إمكان الإنسان أن يلتمسها ويسأل عنها في المكتبات التجارية ، وفي إمكانه أن يستفيد من التفسير كتب التفسير على سورة الجن: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ . والآيات الأخرى التي فيها أخبار الجن في مراجعة التفاسير يستفيد الإنسان من ذلك مما قاله المفسرون - رحمهم الله - في أخبار الجن، من أشرارهم وأخيارهم. بارك الله فيكم ، وزادكم من علمه وتوفيقه.