يريد تفريج همه وغمه فيطلب من غير الله أن يحل مشكلته

السؤال: هل هناك أحد غير الله يستطيع تفريج الهم والغم ودفع المصائب؟ هذا السؤال تحته عشرة أسئلة, نجد في أكثر المذاهب يكلمون بكل قوة في هذا السؤال إلا أننا لم نجد أحدا يجيب بالإثبات فيأتي في ذهن إنسان شعور يبحث فيه عن أساليب مختلفة بأنه كيف يستطيع أحد تفريج الكرب دون الله, هذا السؤال له صور مختلفة فطلب من العلماء جوابه، الرجاء منهم إفادتنا بالجواب الشافي؟ مثلا عندنا زيد يريد تفريج همه وغمه فيطلب من غير الله أن يحل مشكلته. 1 - إن كان هناك أحد غير الله يفرج كربه فمن هو الذي يسمع، ويجيب على مسافة لا يعلم حدها إلا الله بينه وبين سائله في حياته وبعد مماته في قبره. 2 - ولو فرضنا أنه يسمع بهذه المسافة البعيدة فهناك سؤال آخر هل هو يفهم لغات أهل الدنيا كلها حين ينادونه باللغات المختلفة؟ مثل: الألمانية, والإنجليزية, وغيرها من اللغات. 3 - ولو أجبتم بالإثبات بأنه يفهم لغات أهل الدنيا كلها فينشأ منه سؤال آخر وهو: إن تقدم إليه في آن واحد ملايين من أهل الحاجة بحاجاتهم في لغاتهم المختلفة فهل باستطاعته أن يسمع شكواهم، ويجيبهم لطلباتهم في آن واحد, أم يحتاج إلى تعيين أوقات لحل مشكلة كل واحد بالنوبة أي واحدا بعد واحد؟ 4 - هل هذا الشخص الذي يطلبون منه حاجاتهم ينام أم لا تأخذه سنة ولا نوم؟ وإن كان هو يتصف بالنوم فينبغي أن يكون عندنا جدول يبين أوقات راحته بين نوم ويقظة أو يسمع وهو نائم. 5 - وهناك صاحب حاجات لا يستطيع أن يتكلم ويبين مراده باللسان، فهو يسأل حاجته بقلبه, فهل هو يجيبه على سؤاله القلبي أم لا؟ 6 - الإنسان من المهد إلى اللحد يتعرض لمشاكل صغيرة وكبيرة، فإن كان الله هو الذي يتولى حل جميع مشكلاته فلا حاجة للجوء إلى غير الله, وإن كان غير الله ينجي من هذه الكرب الكثيرة, فما هي فائدة الرجوع إلى الله؟ 7 - فإن كان غير الله غير قادر على حل جميع المشكلات فيقال: إن بعض المسائل يحلها رب العالمين، وبعض منها عند غير ألله فينبغي عند أهل الحاجة قائمة بما هو لله, وما هو لغير الله, حتى لا يقدم لله ما هو لغيره، وما هو لغير الله لله. 8 - هل الذي يرفع ويكشف الضر عن الناس هو يستطيع جلب الضر إلى الناس أو هو يكشف الضر دون جلبه فقط فإذا كان يتولى كشف الضر فقط فمن الذي يوقع الضرر؟ 9 - فالحاصل: لو فرضنا إن كان الله هو الذي يأتي بالضرر وغيره يكشف الضر, فإذا أراد الله أن يأتي بضر وأراد غيره أن يدفعه وكل مصر على ما يريد فمن المنتصر. 10 - إذا أراد أن يصلي على محسن أو مسيء فمن تطلب منه المغفرة.

الإجابة

الإجابة: إن الله تعالى وحده هو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم, وهو وحده الذي يسمع دعاء الداعين أينما كانوا وبأي لغة تكلموا, بل يجيب دعاءهم بلسان الحال, عقلاء كانوا أم غير عقلاء, وهو وحده الذي يضر وينفع حقيقة, أما ما يحصل ممن سواه فهو من الأسباب العادية التي مكن الله منها لعباده وأقدرهم عليها ففعلوها بتوفيق من الله تعالى, ورتب عليها مسبباتها, فللطبيب مثلا تشخيص الأمراض، ووصف الدواء بتوفيق من الله, وإلى الله وحده الشفاء, وللحراث حرث الأرض، وبذر الحب والسقي بهداية وتوفيق من الله, وإلى الله وحده ترتيب النتائج, وإيجاد المسببات بإنبات المزروع والأشجار, وإيجاد الحبوب والثمار إلى أمثال هذا من الحوادث.

1 - وعلى هذا فليس هناك أحد غير الله يفرج الكربة حقيقة, ولكن قد يكون هناك من جعله الله سببا في ذلك كالطبيب والحراث فيما تقدم فيكون تفريج الكربة من الله بسبب المخلوق بتوفيق من الله, وليس هناك أحد غير الله يسمع الداعي من مسافة بعيدة ويجيبه, ولا ميت يسمع دعاء من يدعوه ويضرع إليه, ولو سمعه ما استجاب له, قال الله تعالى: {ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير}

2 - وليس هناك من يعلم جميع لغات المخلوقات سوى الله, فلا يتمكن أي مخلوق من سماع كل سائل ويفهم ما يقول حتى يجيبه إلى مسألته.

3 - وعلى فرض معرفة أحد سوى الله بلغات العالم -وهو مستحيل- فهو لا يستطيع أن يسمع نداء الكثرة منهم إذا سألوه في وقت واحد وأن يحقق مطالبهم في وقت واحد, مع تباين حاجاتهم وتباعد أماكنهم.

4 - ولا يتمكن الإنسان ونحوه من الاستماع للسائلين وإجابتهم في كل وقت, فإن من شأنه النسيان والغفلة والضعف والنوم, والحاجات والأسئلة والأدعية مستمرة فلا يقوى على تحقيق ذلك إلا الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.

5 - وليس هناك من يعلم ما في ضمير غيره من المطالب والحاجات إلا الله, فكيف يتيسر لغيره تعالى تحقيق حاجاتهم إذا لم يسألوا بلسان المقال؟
ومما تقدم يتبين أيضا أنه لا يكشف الضر حقيقة إلا الله, ولا يعطي الخير حقيقة إلا هو, كما قال تعالى: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم. }