الإجابة:
إن الله تعالى وحده هو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم, وهو وحده الذي يسمع
دعاء الداعين أينما كانوا وبأي لغة تكلموا, بل يجيب دعاءهم بلسان
الحال, عقلاء كانوا أم غير عقلاء, وهو وحده الذي يضر وينفع حقيقة, أما
ما يحصل ممن سواه فهو من الأسباب العادية التي مكن الله منها لعباده
وأقدرهم عليها ففعلوها بتوفيق من الله تعالى, ورتب عليها مسبباتها,
فللطبيب مثلا تشخيص الأمراض، ووصف الدواء بتوفيق من الله, وإلى الله
وحده الشفاء, وللحراث حرث الأرض، وبذر الحب والسقي بهداية وتوفيق من
الله, وإلى الله وحده ترتيب النتائج, وإيجاد المسببات بإنبات المزروع
والأشجار, وإيجاد الحبوب والثمار إلى أمثال هذا من الحوادث.
1 - وعلى هذا فليس هناك أحد غير الله يفرج الكربة حقيقة, ولكن قد يكون
هناك من جعله الله سببا في ذلك كالطبيب والحراث فيما تقدم فيكون تفريج
الكربة من الله بسبب المخلوق بتوفيق من الله, وليس هناك أحد غير الله
يسمع الداعي من مسافة بعيدة ويجيبه, ولا ميت يسمع دعاء من يدعوه ويضرع
إليه, ولو سمعه ما استجاب له, قال الله تعالى: {ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه
ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا
لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير}
2 - وليس هناك من يعلم جميع لغات المخلوقات سوى الله, فلا يتمكن أي
مخلوق من سماع كل سائل ويفهم ما يقول حتى يجيبه إلى مسألته.
3 - وعلى فرض معرفة أحد سوى الله بلغات العالم -وهو مستحيل- فهو لا
يستطيع أن يسمع نداء الكثرة منهم إذا سألوه في وقت واحد وأن يحقق
مطالبهم في وقت واحد, مع تباين حاجاتهم وتباعد أماكنهم.
4 - ولا يتمكن الإنسان ونحوه من الاستماع للسائلين وإجابتهم في كل
وقت, فإن من شأنه النسيان والغفلة والضعف والنوم, والحاجات والأسئلة
والأدعية مستمرة فلا يقوى على تحقيق ذلك إلا الحي القيوم الذي لا
تأخذه سنة ولا نوم.
5 - وليس هناك من يعلم ما في ضمير غيره من المطالب والحاجات إلا الله,
فكيف يتيسر لغيره تعالى تحقيق حاجاتهم إذا لم يسألوا بلسان المقال؟
ومما تقدم يتبين أيضا أنه لا يكشف الضر حقيقة إلا الله, ولا يعطي
الخير حقيقة إلا هو, كما قال تعالى: {ولا
تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين
وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله
يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم. }