التوبة من الشرك

لقد أجبت يا سماحة الشيخ على أحد الأسئلة المطروحة من أحد السائلين فيما يتعلق بالعذر بالجهل، متى يُعذر ومتى لا يُعذر، وذكرت بأن الأمر فيه تفصيل، ومما ذكرته بأنه لا يُعذر أحدٌ بالجهل في أمور العقيدة، أقول يا سماحة الشيخ: إذا مات رجل وهو لا يستغيث بالأموات ولا يفعل مثل هذه الأمور المنهية عنها إلا أنه فعل ذلك مرة واحدة -فيما أعلم-، حيث استغاث بالرسول - صلى الله عليه وسلم- في زيارته لمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو لا يعلم أن ذلك حرام وشرك، ثم حج بعد ذلك دون أن ينبهه أحد على ذلك، ودون أن يعرف الحكم -فيما أظن- حتى توفاه الله، وكان هذا الرجل يصلي ويستغفر الله لكنه لا يعرف أن تلك المرة التي فعلها حرام، فيا ترى هل من فعل ذلك ولو مرة واحدة إذا مات وهو يجهل مثل ذلك، هل يعتبر مشركاً؟ نرجو التوجيه والتوضيح جزاكم الله خيراً.

الإجابة

إن كان من ذكرته تاب إلى الله بعد المرة التي ذكرت، ورجع إليه سبحانه وتعالى واستغفر من ذلك، زال حكم ذلك وثبت إسلامه، أما إذا استمر على العقيدة التي هي الاستغاثة بغير الله ولم يتب إلى الله من ذلك، فإنه يبقى على شركه ولو صلى وصام، حتى يتوب إلى الله مما هو فيه من الشرك، وهكذا لو أن إنساناً يسب الله ورسوله أو يسب دين الله، أو يستهزأ بدين الله أو بالجنة أو بالنار، فإنه لا ينفعه كونه يصلي ويصوم، إذا وجد الناقض من نواقض الإسلام بطلت الأعمال، حتى يتوب إلى الله من ذلك، هذه القاعدة، قال تعالى: ولو أ شركوا لحبط عنهم كانوا يعملون، وقال سبحانه: ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين، وكانت أم النبي- صلى الله عليه وسلم- ماتت في الجاهلية واستأذن - صلى الله عليه وسلم- ليستغفر لها فلم يؤذن له، لأنها ماتت في الجاهلية، وقال: (إن أبي وأباك في النار)، لمن سأله عن أبيه، وأبوه مات في الجاهلية، فالمقصود أن الذي مات على الشرك لا يستغفر له ولا يدعى له ولا يتصدق عنه، إلا إذا علم أنه تاب إلى الله من ذلك، هذه القاعدة المعروفة عند أهل العلم، أما الأشياء التي قد تخفى على الناس مثلما يرى للشخص الذي قال لأولاده إذا مت فاحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في البحر في يوم عاصف، فإن قدر الله علي ليعذبني أو كما قال، أن سأله عن ذلك بعدما مات، فقال: حملني على هذا مخافتك، فغفر الله له، قال العلماء: إن هذا خشي عليه كمال القدرة، كمال قدرة الله سبحانه وتعالى، وجهل هذا الأمر وظن أنه بهذا الحرق والسحق والذر في البحر أنه يفوت الله ويضيع، فهذا الجهل الذي في هذا الشيء الدقيق عفا الله عنه سبحانه وتعالى، لأنه حمله عليه خوف الله، والحذر من عقابه سبحانه وتعالى، أما إنسان يستغيث بالأموات وقد جاءت الرسل بالنهي عنه، وبعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه، والله يقول سبحانه وتعالى:ولا تدع من دون ما لا ينفعك و لا يضرك، ولا تدعو مع الله أحداً، ويقول:ادعوني أستجب لكم، هذا أمور معلومة من الدين بالضرورة، مشهورة بين المسلمين فلا يعذر، من قال إني أجهله بين المسلمين، لو كان في بلاد بعيدة عن المسلمين في أطراف الدنيا بين أهل الكفر بالله ما عندهم من يعلمهم هذا يكون حكمه حكم أهل الفترة، أمرهم إلى الله يوم القيامة، إن شاء عذبهم وإن شاء رحمهم، فهو سبحانه يمتحنهم يوم القيامة فمن أجاب دخل الجنة ومن عصا دخل النار، هذا هو الصواب فيهم أنهم يمتحنون ويكلفون يؤمرون بشيء، فإن أجابوا وأطاعوا دخلوا الجنة وإن عصوا دخلوا النار.