هذه المسألة تسمى عند أهل العلم (مسألة التورق)، وهي: أن بيع الرجل غيره سلعة قد ملكها، وحازها بثمن معلوم إلى أجل معلوم، ثم يقبضها المشتري ويتصرف فيها بعد قبضه لها.
والغالب أن ذلك من أجل حاجته للنقود، وهذا البيع على هذا الوجه جائز شرعاً - في أصح قولي العلماء - داخل في قوله تعالى: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[2]، وفي قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[3] الآية.
وليس للدائن أن يبيع على الراغب في الشراء سلعة عند التجار لم يشترها ولم يقبضها، بل ذلك باطل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك))[4]، وقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: ((لا تبع ما ليس عندك))[5].
وإنما يجوز البيع في هذه المسألة – أعني (مسألة التورق) – بشرط أن يكون المال موجوداً لدى البائع وفي حوزته؛ ثم لا يجوز للمشتري أن يبيعه وهو عند الدائن، حتى يحوزه إلى ملكه أو إلى السوق، وليس له أن يبيعه على الدائن بأقل مما اشتراه منه؛ لأن ذلك يتخذ حيلة للربا.
وبيعه على الدائن بأقل مما اشتراه منه غير صحيح، ويسمى هذا البيع (بيع العينة)، وهو من بيوع الربا، والله ولي التوفيق.
[1] نشر في كتاب (فتاوى إسلامية)، من جمع الشيخ / محمد المسند، ج2، ص: 339.
[2] سورة البقرة، الآية 275.
[3]سورة البقرة، الآية 282.
[4] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6633، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1234، والنسائي في (البيوع)، باب (بيع ما ليس عند البائع)، برقم: 4611.
[5] رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم: 14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1232، وابن ماجه في (التجارات)، باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم: 2187.