الإجابة:
إطلاق مثل هذه العبارات يحتاج لدليل خاص، وهذا ما قد تفتقر إليه بعض
الأمور السابقة، ولكن في العموم فإن التوفيق للهداية والعمل للصالح،
هو من دلائل محبة الله تعالى للعبد، ويمكن أن يستدل لذلك بقول الله جل
وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ
عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ
يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن
يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم} [المائدة:54]، فإن الله تعالى
ذكر بعد محبته لهم جملة من الأعمال الصالحة التي وفقهم إليها، ويشهد
لذلك أيضا أن الله تعالى علق محبته بجملة من الأعمال الصالحة، فقال
سبحانه: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ
التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} [البقرة:222]،
وقال: {وَاللّهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِين} [آل عمران:134]، وقال: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِين
}[التوبة:4]، وقال: {وَاللّهُ يُحِبُّ
الصَّابِرِين} [آل عمران:146]، وقال: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين}
[آل عمران:159]، فتوفيق الله تعالى للعبد لما يحبه من دلائل محبته له.
وأما ما يتصل بسعة الدنيا وضيقها، فإنه ليس دليلا على محبة الله
تعالى، ولا على نفيها، وقد نفى الله ذلك في كتابه فقال: {فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ
رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَن *
وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ
رَبِّي أَهَانَن }[الفجر:15_16] ثم قال سبحانه: {كَلاَّّ} [الفجر:17] أي: ليس الأمر كما
ظننتم وزعمتم؛ لا في هذا ولا في ذاك، فالله يعطي المال من يحب ومن لا
يحب، ويضيق على من يحب ومن لا يحب، وإنما المحبوب من أطاع الله تعالى
في العسر واليسر، وفي الغنى والفقر، ولكن المؤمن إذا ابتلي فصبر على
البلاء، فإن ذلك من دلائل محبة الله تعالى له، كما قال: {وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين}، ومن
الصبر الذي يحب الله أهله، الصبر على البلاء، وهذا المعنى هو المراد
بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري (5645) عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يُصِبْ منه"، ويشهد
له ما أخرجه الترمذي (2396) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: "إن عظم الجزاء مع عظم
البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط
فله السخط"، فالمحبة مرتبة على البلاء الذي يعقبه صبر، وليس
على مجرد الابتلاء، ولهذا قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ
وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ
وَبَشِّرِ الصَّابِرِين} [البقرة:155]، فالبشرى لمن صبر، وليس
لمن ابتلي فقط.
وأما أن الله تعالى يبتلي عبده ليسمع دعاءه، فليس بصحيح، بل العبد
مأمور بالدعاء في حال يسره وفي حال عسره، في المنشط والمكره، فالدعاء
مطلوب مطلقا، وليس في حال البلاء فقط، والله أعلم.
8/11/1429ه.
المصدر: موقع الشيخ خالد
المصلح