الصلاة ليلة الجمعة تسع وأربعين ركعة

أعرفكم أنا في كل ليلة جمعة أصلي في الليل تسعاً وأربعين ركعة، ثم في شهر رمضان أصلي تسعاً وتسعين ركعة، أفيدوني عن صلاتي هذه ما حكمها، هل أستمر أم توجهوني إلى شيء آخر؟ جزاكم الله خيراًً.

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن الصلاة في الليل لم يحددها الشارع عليه الصلاة والسلام، بل أطلقها للعباد، وما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم شرع محترم؛ لأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلى وحي يوحى، كما قال الله عز وجل: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى*مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) سورة النجم. والمراد به نبينا عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعةً واحدة توتر له ما قد صلى). فلم يحدد عدداً معلوماً بل قال: (صلاة الليل مَثنى مثنى)، يعني ثنتين ثنتين، فله أن يصلي عشراً وله أن يصلي مئة، وله أن يصلي أكثر أو أقل، ثم يختم بركعةٍ واحدة قبل الصبح، لكن الأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في غالب أوقاته يوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة وربما أوتر بأقل من ذلك عليه الصلاة والسلام، فإذا فعل المؤمن كما فعل عليه الصلاة والسلام مع العناية بإطالة الركوع والسجود والقراءة فهذا أفضل، وإن زاد فصلى عشرين كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في عهد عمر مع الإيتار بثلاث، الجميع ثلاث وعشرون، أو صلى تسعاً وأربعين أو ثلاثاً وأربعين أو إحدى وأربعين أو أكثر أو أقل، أو تسعاً وتسعين أو مائة وواحدة أو أكثر من هذا كل ذلك لا حرج فيه، فإنه يصلي ما يسر الله له، ومن زعم أن الصلاة محدودة فقد غلط، لا في رمضان ولا في غيره، غير محدودة، فليس لأحدٍ أن يحدد شيئاً ما شرعه الله، لأن العبادات توقيفية، ليس لأحدٍ أن يحدد شيئاً في الليل أو النهار بغير حجةٍ شرعية، قال الله جل وعلا لأهل الكتاب لما قالوا: وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى... قال لهم سبحانه: قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (111) سورة البقرة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). يعني مردود، فمن قال إن الصلاة في الليل لا يزاد فيها على إحدى عشرة أو على ثلاث عشرة أو أقل أو أكثر فليس عنده دليل، بل هو غالط في ذلك، فلا يجوز تقليده ولا اتباعه في هذا الغلط، ولكن للمؤمن أن يصلي ما يسر الله له، يصلي ثلاثاً، يصلي واحدة، يصلي خمساً، يصلي سبعاً، يصلي تسعاً، يصلي إحدى عشرة، يصلي ثلاث عشرة، يصلي غير ذلك. كما قال عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثْنى مثنى)، زاد أهل السنن: (صلاة الليل والنهار)، بإسنادٍ جيد، (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، وهكذا فهم الصحابة رضي الله عنهم وهم أعلم الناس بعد الأنبياء، وقد صلوا ثلاثاً وعشرين وصلوا أكثر من ذلك، والأمر في هذا واسع ليس فيه تحديد، هذا هو الحق. وأنت أيها السائل الأفضل لك أن تصلي ثلاث عشرة أو إحدى عشرة بال.... والطمأنينة في الركوع والسجود وإطالة القراءة والتدبر هذا هو الأفضل، وإن صليت أكثر أو أقل فلا حرج في ذلك، والحمد لله.