ستر الوجه والكفين للمرأة

أرجو التوضيح مفصلاً عن مسألة وجوب ستر الوجه والكفين بالنسبة للمرأة، وهل تصح صلاتها إذا كشفت عن وجهها وكفيها في الصلاة، حيث هذا السؤال قد شغل كثيراً من النساء في بلدنا؛ لأنهن يخرجن إلى المدينة بحجاب مع ظهور الوجه والكفين، مستشهدين بأحاديث صحيحة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم-؟ أفتونا، جزاكم الله خيراً.

الإجابة

أما في الصلاة فإنها تكشف وجهها وكفيها لا حرج، إذا لم يكن عندها أجنبي فإنها تصلي مكشوفة الوجه، هذا هو السنة، وتستر بقية بدنها كرأسها وصدرها وجميع بدنها ومن ذلك قدماها عليها ستر الجميع، أما الكفان فإن سترتهما فهو أفضل كما قاله جمع من أهل العلم، وإن أبدتهما فلا حرج في ذلك على الصحيح، وأما الوجه فإنه يكشف في الصلاة وتصلي مكشوفة الوجه، إلا إذا كان عندها أجنبي كأخي زوجها أو زوج أختها أو غيرهما فإنه تستر وجهها وكفيها وقت الصلاة من أجل غير المحرم، وهكذا إذا خرجت في الأسواق تستر بدنها كله، لأنها عورة وفتنة والله يقول جل وعلا: وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن، وقال جل وعلا: ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباءهن أو آباء بعولتهن أو أبناءهن أو أبناء بعولتهن.. الآية. والزينة يدخل فيها الوجه والشعر وسائر بدنها، كلها زينة، والوجه أعظم الزينة وهو مجمع محاسن الخلقة، أما الأحاديث التي أشار إليها السائل في كشف الوجه فكان هذا في أول الأمر، في أول الإسلام كانت المرأة تكشف وتجلس مع الرجال مكشوفة الوجه، ثم أمر الله جل وعلا بالحجاب، ونزلت آيات الحجاب التي سبق ذكرها، وهي قوله سبحانه: وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن.. الآية. ومن ذلك آية النور: ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن.. الآية، ومن ذلك قوله جل وعلا أيضاً في سورة الأحزاب: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، ومن ذلك قوله في سورة النور يقول سبحانه: والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجاتٍ بزينة وأن يستعففن خير لهن، فإذا كانت القواعد وهن العجائز التي لا يرجون نكاحا استعفافهن أفضل، وهو تحجبهن ويجوز لهن عدم التحجب لكونهن عجائز لا يطمع فيهن، فالشابات من باب أولى أن يستعففن وأن يلزمن الحجاب، لأنهن فتنة، وذكر القواعد يدل على أن غير القواعد يلزمهن الحجاب والاستعفاف، فالمقصود أن الأحاديث التي فيها كشف الحجاب هذه كانت في أول الإسلام، وفي أول مجيء المسلمين إلى المدينة ثم بعد ذلك أنزل الله آيات الحجاب ومنع النساء من إظهار زينتهن، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك لما مر عليها صفوان المعطل قد تخلفت عن الغزو، وقد ذهبت تقضي حاجةً لها، فحملوا هودجها يظنونها فيه لخفتها فلما رآها استرجع فلما سمعت صوته خمرت وجهها، قالت: " وكان قد رآني قبل الحجاب"، فدل ذلك على أنهن قبل الحجاب كن يكشفن الوجوه وبعد الحجاب أمرن بستر الوجوه، وأما حديث عائشة رضي الله عنها في قصة أسماء بنت أبي بكر أنها دخلت على النبي- صلى الله عليه وسلم -، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها النبي- صلى الله عليه وسلم – وقال: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح إلى أن يرى منها إلا هذا وهذا)، وأشار إلى وجهه وكفيه، أخرجه أبو داود، وهو حديث ضعيف عند أهل العلم، لعلل ثلاث: إحداها أنه من رواية ...... عن عائشة ولم يسمع منها، منقطع، والعلة الثانية: أن في إسناده سعيد بن رشيد وهو ضعيف الرواية، والعلة الثالثة: أنه من رواية قتادة بن خالد... وهو مدلس، والمدلس لا تقبل روايته إذا عنعن إلا إذا صرح بالسماع، إلا ما كان في الصحيحين من رواية المدلسين فإنه محمول على السماع، وهناك وجه رابع وهو: أنه إذا صح لكان محمولاً على ما كان قبل الحجاب فكان هذا مع أسماء قبل الحجاب أما بعد الحجاب فإن المرأة مأمورة بالستر بوجهها، وجميع بدنها لما تقدم من الآيات السابقات والله ولي التوفيق.