الصوفية وبعض بدعهم وشركياتهم

عندنا صوفية يزعمون أنهم من أولياء الله، فيدعون: (انتاوع ربي) -هكذا كتب سماحة الشيخ-، لكنهم حسب الظاهر يفعلون المنكرات والفحشاء، ويتطاولون على الخالق بكونهم شركاء له، فهل يا ترى يجب هجرانهم ما داموا على تلك الحال، وهجران من يؤمن بهم، علماً بأن عندنا واحد منهم يزورونه، ويعظمونه، ويتوسلون به، عساه أن يحقق لهم مآربهم وقضاء حوائجهم، هذا المخلوق يسكنه جن بحيث يكشف لهم عن أسرار الغيوب، والوالي المزيف بدوره يكشفها لمريديه وأحبابه، إلا أنه ذو شذوذ واضح، حيث يعمل -كما أسلفت- المنكرات، منها على سبيل المثال.. -أشياء لا أستطيع ذكرها في البرنامج سماحة الشيخ-، أرجو أن تتفضلوا بمعالجة هذا الموضوع؟

الإجابة

التصوف من البدع التي أحدثها الناس، وهو إحداث طرق غير الطريق الشرعي في العبادات، هذا أحدثه كثير من الناس، وأُطلق عليهم الصوفية، وهم الذين أحدثوا طرقاً للعبادة، وأذكاراً خاصة، وأعمالاً خاصة، لم يشرعها الله -عز وجل-، فهم من أهل البدع، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد)، فالتعبد بدق الطبول والأغاني وفعل آلات الملاهي الأخرى، كل ذلك مما أحدثه المتصوفة. ومما أحدثوه أنهم يزعمون أنهم يعلمون الغيب وأنهم لهم مكاشفات يستطيعون بها إنقاذ الناس مما قد يقع من المهالك والأضرار، وأنهم يدعون من دون الله، ويستغاث بهم أحياء وأمواتاً، كل هذا من منكراتهم الشركية، فمن زعم أنه يعلم الغيب أو أنه يتصرف في الكون مع الله، أو أنه شريك لله في العبادة، أو أنه يجوز أن يعبد من دون الله حياً وميتاً ويستغاث به فهذا كله من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من هؤلاء وهجرهم والإنكار عليهم، وتحذير الناس منهم، وعلى ولاة الأمور إذا كانوا مسلمين أن يأخذوا على أيديهم، وأن يستتبوهم فإن تابوا وإلا قتلوا لردتهم وكفرهم، فليس هناك من يستحق العبادة سوى الله -سبحانه وتعالى-، قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ[الحج: 62]، وقال -سبحانه-: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[البقرة: 163]، فمن زعم أنه يجوز أن يدعى أحد من دون الله من الملائكة أو الجن أو الأنبياء أو سائر الخلق، وأن يستغاث به، وأن ينذر له حياً وميتاً، وأن يطلب منه تفريج الكروب وتيسير الأمور فهذا كله من الشرك الأكبر، وكله من عمل عباد الأوثان وعباد الأصنام، وعباد اللات والعزى وأشباههم، وهكذا ما يفعله الكثير من الجهلة عند القبور من دعاء الميت والاستغاثة بالميت، والنذر له والذبح له، هذا من الشرك الأكبر، ومن جنس عمل المشركين عند اللات، في الطائف في الجاهلية، وإنما يجوز شيء واحد وهو الاستعانة بالمخلوق الحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه خاصة، هذا هو الجائز كما قال الله -جل وعلا- في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ[القصص: 15]، فإذا كان حياً حاضراً واستعنت به في شيء يقدر عليه كإصلاح سيارتك، التعاون معك في المزرعة؛ في حش الحشيش في حطب الحطب، في أشباه ذلك من الأشياء المقدورة لا بأس، يسمع كلامك، يكلمك يقدر، أو تكتب إليه كتابة أو من طريق الهاتف التلفون، تقول له: أقرضي كذا، أو ساعدني في كذا، لا بأس هذا من أمور العادية طبعية ليس فيها شيء، من جنس ما ذكر الله عن موسى كما ذكر الله: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ[القصص: 15]، مثلما يستغيث الإنسان في الحرب بإخوانه في قتال الأعداء، يتعاونون في قتال الأعداء، وفي محاصرتهم، فهذه أمور طبعية عادية نفسية ليس فيها بأس، أما دعاء الميت والاستغاثة بالأموات أو بالأحجار أو بالأصنام أو بالكواكب أو بالغائب كالجن والملائكة أو إنسان غائب التقت فيه وهو لا يسمع كلامك تعتقد فيه السمع وأنه يسمع من غير الطريق الحسي هذا كله من الشرك الأكبر، كاعتقاد الصوفية في بعض رجالها، فالواجب الحذر من هذه الأمور الشركية، والتحذير منها، والتعاون الكامل في فضيحة أهلها، والتحذير منهم، فالعبادة حق الله وحده، ليس لأحد أن يشاركه في ذلك، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ[الإسراء: 23]، وقال سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة: 5]، وقال -عز وجل-: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ[الزمر:2-3]، وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ[البينة: 5]، وقال -عز وجل-: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ[الحج: 62]، فهو سبحانه الإله الحق، ليس هناك إله آخر يعبد معه بالحق بل هو إله باطل، كل الآلهة باطل، كلها، وإنما الإله الحق هو الله -سبحانه وتعالى-، ولما سمعت قريش من النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله لها: لا إله إلا الله، (قولوا: لا إله إلا الله)، استكبروا، وقالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ[ص: 5]، وقال سبحانه: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ[الصافات: 35 - 36]، زعموا أن لهم آلهة وأنهم لن يتركوها لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا من جهلهم وضلالهم وفساد عقيدتهم، فالإله الحق هو الله وحده، القادر على نفعك وضرك وإغاثتك، هو الذي يقدر على كل شيء سبحانه، هو القادر على كل شيء؛ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[البقرة: 20]، أما الآلهة المدعوة من دون الله كلها باطلة، كلها عاجزة، لا تملك لنفسها ضراً ولا نفعاً ولا لعابديها، ولكنه الشيطان زين لأهل الشرك وأملى لهم حتى عبدوا الله غير الله، ودعوا غير الله، واستغاثوا بغير الله، فوقعوا في أعظم الذنوب، وفي أعظم أنواع الكفر، قال الله سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ[الزمر:65-66]، فهذا مسألة عظيمة، هذه أعظم مسألة، أكبر مسألة مسألة التوحيد والشرك، فيجب على كل إنسان أن يتفقه فيها لرجل وامرأة، يجب التفقه في هذه المسألة وفي جميع أمور الدين، حتى تكون على بينة وعلى بصيرة فيما تأتي وتذر، فتعمل بالحق الذي شرعه الله، وتخلص له العبادة، وتحذر ما حرمه الله عليك، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، ومن علامات الخير أن تفقه في الدين، وأن تكون على بصيرة، ومن علامات الهلاك أن تكون جاهلاً بدينك معرضاً عن الدين، نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً، ونسأل الله أن يوفق جميع الناس للتفقه في الدين، والدخول في دين الله، والحذر من الشرك بالله -عز وجل-، فدين الله هو الحق وما سواه باطل، إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ[آل عمران: 19]، فالإسلام هو توحيد الله والإخلاص له، وترك عبادة ما سواه وطاعة أوامره، وترك نواهيه، هذا هو الإسلام، وهذا هو دين الله، الذي جاءت به الرسل جميعاً، وجاء به خاتمهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، وما سواه فهو باطل، سواء كان ذلك الدين يهودية أو نصرانية أو وثنية أو مجوسية أو شيوعية أو غير ذلك، كلها باطلة كلها أديان باطلة، ودين الحق هو الإسلام الذي بعث الله به الرسل، وهو إخلاص العبادة لله وحده، وطاعة أوامره وترك نواهية التي جاء بها نبيه محمد -عليه الصلاة والسلام-.