النزول على الركبتين عند السجود قبل اليدين

قد ذكرت -يحفظكم الله- أن صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينزل الإنسان من الركوع إلى السجود على ركبتيه، وينهض إلى الركعة برفع يديه قبل ركبتيه، لكن بعض الباحثين ذكر عكس ذلك، فأي القولين نعتمد، وبأيهما نعمل؟

الإجابة

للعلماء قولان في المسألة -رحمهم الله-، منهم من رجح أنه ينزل بركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه، لما رواه أهل السنن، أو وائل بن حجر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد قدم ركبتين على يديه. وله شاهد من حديث أنس أيضاً عند الحاكم وغيره، وقالوا هذا هو الأرفق بالمصلي، وهو الأبعد عن مشابهة الحيوان؛ لأن الحيوان كالبعير ينزل على يديه، ثم المؤخرة بعد ذلك، وقالوا هو الموافق لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير). فإن بروك البعير يقدم يديه. فإذا قدم رجليه لم يشبه البعير، أما قوله في الآخر: (وليضع يديه قبل ركبتين)، فقال بعضهم لعله مقلوب، وأن الصواب وليضع ركبتين قبل يديه حتى يتفق أوله مع آخره، أول الحديث مع آخر الحديث. وحتى يتفق مع حديث وائل بن حجر، وأنس، وما جاء في معناهما، وهذا هو الأصح والأرجح وبذلك يتفق الأحاديث ولا يقع بينها خلاف. فالنهي عن البروك كبروك البعير يوافق حديث وائل في تقديم الركبتين، ثم اليدين بعد ذلك في السجود، أما زيادة (وليضع يديه قبل ركبتين) فهي تخالف أول الحديث وتخالف لحديث وائل؛ لأنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه شابه البعير في نزوله على مقدمه، هذا هو الأرجح، وقال آخرون من أهل العلم لفظة (وليضع يديه...) صريحة تدل على أنه يقدم يديه على ركبتيه، وبهذا خالفوا حديث وائل، حديثه لا بأس به، حديث حسن جيد، مع أنه موافق لأول حديث أبي هريرة، ولمقدمه وصدره، والصواب عندي، والأرجح عندي أنه يقدم ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه على ما في حديث وائل وعلى مقتضى أول حديث أبي هريرة وصدره، وزيادة (وليضع يديه قبل ركبتيه) إمام إدراج من بعض الرواة وإما حصل فيها انقلاب والصواب أن يضع ركبتيه قبل يديه حتى يتفق أوله مع آخره، وحتى يتفق مع حديث وائل وما جاء في معناه. والأمر في هذا واسع والحمد لله، كله سنة، ولكن هذا هو الأفضل وهذا هو الأرجح إلا من عجز ككبير السن، والمريض هذا يقدم يديه؛ لأنه محتاج إلى ذلك، ولا بأس بذلك.