حكم العمل في الشركات المختلطة

السؤال: أنا شاب تخرجت من كلية الهندسة تخصص حاسب آلي منذ أربع سنوات، وأعمل في أحد التخصصات النادرة والدقيقة المتفرعة عن هندسة الحاسب الآلي، تلقيت عرض عمل من شركة أمريكية موجودة في السعودية بمميزات مغرية ليس من حيث الدخل المادي بل من حيث التطور العلمي والمهني والتي لا يمكن الحصول عليها بالدورات التدريبية، حيث أن هذه الوظيفة تطور من قدراتي العلمية والمهنية بشكل كبير. منتجات هذه الشركة هي أجهزة كمبيوتر ضخمة وبرامج عالية القدرة. أغلب المستفيدين من منتجات هذه الشركة هي مراكز بالغة الحساسية في بلدنا الإسلامي كالوزارات والجامعات والمستشفيات والشركات المحلية الكبرى والتي تتجاوز رؤوس أموالها مئات الملايين من الدولارات. المشكلة تكمن في أن هذه الأجهزة وهذه البرامج تستفيد منها البنوك الربوية في هذا البلد. العمل في هذه الشركة لا يقتصر على البيع فقط، بل تشمل خدمات ما بعد البيع من أعمال الصيانة والمتابعة، وهناك أعمال كثيرة تتطلب الذهاب إلى هذه البنوك ومقابلة المسؤولين وأداء كثير من الأعمال في البنك نفسه وإصلاح الأعطال... إلى آخره، وحيث أن منتجات هذه الشركة تكاد تسيطر على أجزاء أساسية ومهمة من مراكز صنع القرار والمراكز المالية والتي لها تأثير مباشر على اقتصادنا الإسلامي والمراكز الحساسة الأخرى فإنه يضايقني سيطرة غير المسلمين على هذه الأماكن وأرى أنه لزاماً عليّ -مع وجود الشبه- أن لا أدع هذه الوظائف حكراً على غير الملتزمين، أرجو من فضيلتكم بيان حكم العمل في هذه الشركة، علماً أنني ميسور الحال وأتمتع بوظيفة في أحد الجامعات السعودية، ودخلي المادي قد يكون أفضل من لو انتقلت إلى تلك الشركة، لكن نسبة عطائي واستغلال مواردي وقدراتي أقل من لو انتقلت إلى تلك الشركة التي لا تخدم إلا المسلمين في هذا البلد؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فبادئ ذي بدء أشكرك على هذا الحرص والاهتمام وأسال الله لك التوفيق والإعانة، وحكم العمل في هذه الشركة لا يختلف عن حكم العمل في سائر الشركات التي قد يكون جزء من المستفيدين من خدماتها جهات معصية، فشركة الكهرباء والاتصالات ونحوها يرد على العمل فيها نظير المحاذير التي أوردتها في سؤالك.

والذي أراه أنه يجوز العمل في هذه الشركات بالضوابط الآتية:
1 - ألا يكون أصل نشاط الشركة محرماً كالبنوك الربوية وشركات التأمين التجاري ونحو ذلك، فهذه يحرم العمل فيها مطلقاً ولو كان الشخص في وظيفة لا علاقة لها بالعمل المحرم نفسه، لأن عمله في الشركة فيه إعانة على المعصية، أما إذا كان المقصود من نشاط الشركة مباحاً لكنها قد تزاول بعض الأنشطة المحرمة ككثير من الشركات التجارية والصناعية والمطاعم ونحوها فهذه يجوز العمل فيها من حيث الأصل ولو كان بعض نشاطها محرماً بالضوابط الآتية.
2 - ألا يكون المنتج الذي تقدمه الشركة مخصصاً لأمر محرم أو يغلب استعماله فيه، أما إذا كان يصلح له ولغيره فلا بأس، فمثلاً لو كان البرنامج الذي تنتجه الشركة خاصاً بطريقة حساب الفائدة في البنوك فيحرم، أما لو كان برنامجاً لشئون الموظفين قد يستفيد منه بنك وقد تستفيد منه جهات أخرى فلا بأس بتصميمه.
3 - ألا يباشر الموظفُ العملَ المحرمَ بنفسه، فتقديم الخدمات وإجراء أعمال الصيانة للبنوك الربوية مثلاً عمل محرم أياً كان نوع الخدمة أو الصيانة المقدمة لما في ذلك من الإعانة على الإثم، فيحرم على الإنسان أن يباشر ذلك العمل بنفسه، أما إذا كان عمله في الشركة لا يستلزم مباشرته بنفسه للعمل المحرم فلا حرج عليه إن شاء الله في البقاء فيها.

وعلى هذا فإذا لم يغلب على ظنك أن العمل في الشركة يستلزم مباشرة عمل محرم، لندرة ذلك أو لأن بمقدورك الامتناع فيما لو أسند إليك شيء منه فلا حرج عليك في الانتقال إليها، والله أعلم.

المصدر: موقع الشيخ حفظه الله تعالى.